مصر في أفلام خالد يوسف .. قبيحة ومتطرفة وعشوائية

خالد يوسف.. مخرج موهوب فعلاً.. ومبدع طبعًا.. لكنه سوداوى جدًا.. وهو مثله مثل كل تلاميذ الراحل العبقري يوسف شاهين، لا يرى في مصر سوى العشوائيات والتطرف والإرهاب والعنف الاجتماعى والتفكك الأسرى.
ولا أحد يطالب خالد يوسف أو غيره من المخرجين المتميزين من هذا الجيل أو الأجيال السابقة بأن يغسل الشوارع بالماء والصابون لتبدو جميلة ونظيفة، كما كان يفعل المخرج المخضرم الراحل محمد كريم في أفلام الموسيقار عبد الوهاب، لكن يجب أيضًا ألا نركز فقط على السلبيات، وعلى كل ما هو شاذ ومنحرف وسوداوى فى حياتنا، ونصور الواقع المصرى بهذه الصورة المتشائمة المبالغ فيها والتي تدعو إلى اليأس والانهزامية.
لقد تحولت السينما المصرية في السنوات الأخيرة إلى فن بعيد تمامًا عن الواقع، فأصبحت قائمة على أفلام الهبل والاستعباط والضحك على الذقون فيما يسمى بأفلام الكوميديانات الجدد، أو على أفلام سياحية يتم تصويرها على الشواطئ وفي المنتجعات ويتخللها أغنيات ركيكة المعاني ولا علاقة لها بالسياق الدرامى، أو على أفلام الواقعية الجديدة التي تمثلنا في المهرجان وتحصد الجوائز، وتستحوذ على معظم الاهتمام النقدي والصخب الإعلامي، وتعكس صورة سيئة جدًا لمجتمع على وشك الانهيار أو انهار بالفعل!!
صحيح أن لدينا مشكلات كثيرة: لدينا شباب عاطل، ولدينا بؤر فساد، وعشوائيات، وكبت جنسى.. لكن هذه ليست الصورة كاملة.. فلدينا أيضًا أشياء جميلة ومبهجة ونماذج شابة واعدة ومشرقة فى كل المجالات.. بدليل هذا الزخم السينمائى نفسه، الذي أعاد لعجلة الإنتاج السينمائى دورتها الطبيعية، بعد أن ظللنا نتحدث لسنوات عن أزمة الإبداع وقلة الأفلام وفضيحة التوزيع الخارجى وسيطرة رأس المال العربى على السينما المصرية، وبدأت موجة الأفلام التافهة فى الانحسار، وأصبحنا نشاهد تجارب جادة وجيدة لمبدعين جدد وفى كل فروع الفن السابع..

فلماذا كل هذا التشاؤم؟.. ولماذا كل هذا السواد؟.. لن أتحدث عن الصورة المهينة التى تعكسها مثل هذه الأفلام وتظهرنا جميعًا على أننا حشاشون ولصوص ومرتشون وفاسدون.

ولن أتحدث عن الانطباع السيئ وغير الحقيقي الذي تتركه في نفوس من يشاهدونها من أشقائنا العرب من المحيط إلى الخليج.. ولكننىأطالب بقليل من الموضوعية ومزيد من الفهم وكثير من الثقة في تقديم نماذج أكثر إشراقًا وموضوعات تبث الأمل فى نفوس الناس، وتحارب هذه الموجة الشرسة من الإحباط واليأس وفقدان الثقة فى الحاضر والمستقبل، ولا تسلط الأضواء على النماذج الشاذة والمنحرفة ولا تبالغ في جلد الذات، أو الإصرار على تسفيه كل ما هو مضىء ومشرق وباعث على التفاؤل فى حياتنا.. وكأن التفاؤل أصبح خيانة.. وكأن الواقعية لا تتم بدون الاستغراق فى التشاؤم والانهزامية

No comments:

Post a Comment