مصري يسيطر على السوق العالمى لمنتجات الكشمير

هو شاب طموح ومثقف، يعرف جيدا كل خبايا المجال الذى يعمل به، ولا يتوانى عن جمع المعلومات التى تفيده فى عمله من مصادرها الأصلية.

اختار مجالا جديدا لم يسبقه إليه أحد فى مصر والعالم العربى، واستطاع فى خلال سنوات قليلة للغاية أن يتحكم فى ثلاثة أرباع الإنتاج العالمى من هذا الفن، وأصبح يصدر إنتاج مصنعه إلى انجلترا وكندا وفرنسا واليابان فضلا عن البلاد العربية، إنه رجل الأعمال عماد الدين فاروق خبير تحف وأثاث ومنتجات كشمير وأول عربى يتخصص فى إنتاج وتجارة هذا الفن العريق.

وقد أجرينا معه الحوار التالي حول نشاطه التجاري والأعمال التي يقوم بها:

لماذا تخصصت فى مجال تجارة تحف وأثاث ومنتجات كشمير على سبل التحديد؟

- لقد قمت مع شريكى بدراسة متأنية للغاية لسوق الفنون اليدوية فى العالم كله، واكتشفنا أن محبى الاقتناء بشكل عام يفضلون دائما الأشياء النادرة والقيمة فى نفس الوقت، وأن التعامل مع هذه الشريحة من الناس لابد أن يتم بحرص شديد لأنهم أذكياء ومثقفون وواسعو الإطلاع.

ومن دراستنا للسوق وجدنا أن الخطاب السائد بين المنتجين هو تركيز الدعاية لمنتجاتهم عن طريق وصفها بالندرة والتميز ثم يكتشف المستهلك بعد ذلك أن هذا غير صحيح فينصرف عنهم وعن منتجاتهم، ولذلك فقد كان السؤال الذى طرحناه على أنفسنا هو كيف نقدم فنا يدويا جديرا بالاقتناء ومتميزا فى نفس الوقت؟.

وبعد مرحلة طويلة من البحث وجدنا أن كشمير منطقة فنون تاريخية عريقة وفيها أمهر فنانى الحفر على الخشب فى العالم، وأنها منطقة بكر ومنتجاتها تقترب كثيرا من أذواقنا الشرقية والإسلامية، ومن هنا كان اختيارنا للتخصص فيها.

وما هى أهم وأشهر الفنون التى تشتهر بها منطقة كشمير وتميزها عن مناطق صناعة الأثاث الأخرى فى العالم؟

- كشمير تتميز بوجود عدد من أمهر فنانى الحفر بين أبنائها وهم يشتهرون بفن الـ "بابيه ماشيه" وهو فن الورق الممضوغ، فقد كان الكشميريون يجلبون الأرز ويقومون بغليه فى الماء ثم ينزعون قشره، ويضيفون إليه بعض الإضافات حتى تصبح (العجينة)
قوية، وتتشكل بعدها فى قوالب خشبية لتأخذ أشكالا مختلفة مثل الصندوق أو "الأباجورة" ثم تُترك لتجف وتنزع "العجينة" من القالب بطريقة فنية معينة، حتى يتم المحافظة على القالب الذى تشكلت عليه، وبعدها يمر سطح هذا الشكل بعشرة مراحل لتحضيره للرسم اليدوى والذى يستخدم فيه الألوان الطبيعية الحجرية (المأخوذة من الأحجار) وورق الذهب عيار (22) الذى يتم إسالته والرسم به.

وما هو الفرق بينه وبين الفن الصينى؟

- أعتقد أن فن الحفر على الخشب فى كشمير أروع بكثير من الفن الصينى أو الهندى لأن الصينى يستخدم اللصق ويقوم بتعشيقه فى الخشب، وهنا تكمن مهارته، لكن الفنان الكشميرى يمتاز بالحفر على الخشب ولا يضاهيه فى ذلك أى فنان من أى منقطة فى العالم،ولذلك فمعظم من يشاهدون فنونهم فى معرضنا لا يصدقون أنه حفر على الخشب، ويتصورون أنه يتم باستخدام الكمبيوتر، والرد على ذلك بسيط جدا لأنه لو كان عن طريق الكمبيوتر لانتشر فى العالم بسهولة، ولم يصبح نادرا بهذا الشكل، كما أننا لم نستحدث فنا، لكنن نتحدث عن فنون عريقة تنتج بنفس الأشكال والخامات منذ قرون عديدة.

وهل يختلف كثيرا عن الفنى الإسلامى أو "الأرابيسك"؟

- فى البداية أريد التفرقة بين الفنون المحلية والإقليمية والعالمية، فقد كنت أريد العمل فى فن معروف عالميا، بحيث يكون من السهل الانتقال به وتصديره من كشمير إلى أى مكان فى العالم، وهذا الفن يختلف تماما عن الأرابيسك، لأن الفن الكشميرى عبارة عن نحت خشبى، أما الفنون الإسلامية فهى تعتمد على تعشيق الخشب فى المشربيات وغيرها، وهناك فرق كبير في "التكنيك" أيضا.

والناس تخلط بشكل عام بين الفنون الإسلامية والهندية والباكستانية لأنها تعتمد جميعا على التعامل مع الخشب وكلها لونها بنى!

ولأن فن الأرابيسك اشتهر بالمشربيات وارتبط منذ البداية بالعمارة، فقد اقتصرت شهرته العالمية على هذا المجال ولم يرتبط فى أذهان الناس بالديكور، وصناعة الأثاث كما هو الحال فى الفن الكشميرى.

وبماذا تتميز فنون كشمير عن فنون البلاد الأخرى؟

- فن كشمير يحقق معادلة صعبة للغاية، فهو فن مميز ولا مثيل له فى أى مكان فى العالم، ولا ينتج سوى كشمير، لأنه مرتبط بالبيئة هناك، فـ(شيفار) شجرة لا تنمو سوى هناك فقط، وكذلك بقية المنتجات المستخدمة فى هذا الفن وقد منعوا اقتلاع أشجار الجوز التى يحصلون منها على الأخشاب المستخدمة فى هذا الفن الآن فضلا عن أن كشمير منطقة حروب وعمليات ساخنة، وأغلب صانعي
ومستخدمي هذا الخشب ماتوا فى الحرب، كما أنه ليس من السهل أصلا التواجد فى هذه المنطقة، ومن هنا أصبحت مسألة انتشار المنتج هنا مسألة غاية فى الصعوبة، ولقد انتظرت خمس سنوات كاملةحتى يصبح لدّى إنتاج كاف أبدأ به هذا المشروع.

وهل قمت بأى نوع من التجديد أو التطوير للموديلات، والأشكال الموجودة من هذا الفن العريق؟

- طبعا لا .. فأكثر ما يميز هذا الفن عدم وجود (موتيفات) جديدة تدخل عليه، وهم ينتجونه بنفس ما ورثوه عن أجدادهم، وبنفس نوع الخشب ونفس طريقة الإنتاج وبدون أى تدخل منهم على الإطلاق.

أنت تبيع أيضا فى معرضك السجاد و"الشالات" من كشمير وغيرها من الدول الإسلامية، فلماذا لم تقصر اهتمامك على الأثاث والتحف فقط؟

- لأننى أردت استكمال الصورة باستخدام الاكسسورات التى تليق وتتماشى مع هذا النوع من الفنون اليدوية، فكان السجاد اليدوى العالمى كالإيرانى والأفغانى والباكستانى والقوقازى، بمختلف أنواعه، لأن كل بلد من هذه البلدان تنتج ما يزيد عن (25) نوعا من السجاد، وكذلك فن (البابيه ماشيه) كالفازات والصناديق والأباجورات وغيرها من مكملات الديكور.

وهل يصلح أثاث كشمير لفرش بيت بالكامل؟

- أعتقد أنه لا يمكن تحمل لون واحد فى البيت كله، خاصة وأن وقعه ثقيل للغاية، ولكنه يصلح لفرش ركن خاص فى بيتك، وهذه ليست دعوة للناس لعدم اقتناء غرف كاملة من أثاث كشمير، لأننى أعرض عندى غرفة كاملة جميلة منها، ولكنها تحتاج إلى مساحة كبيرة تمكنك من النظر إليها من مسافة معقولة حتى تستطيع أن تتعرف على أوجه الجمال فيها وتستمتع بها.

وكيف اكتسبت معلوماتك عن هذا الفن؟

- اكتسبتها من التعامل المباشر والعملى فى جميع دول المنابع، لأننا نتمتع بتجارة المنابع نفسها، فلست وسيط بيع وشراء، وحين تكون دائرة التجارة كاملة هنا تكون المتعة كاملة أيضا، فلدينا مصنع فى كشمير ونحن نقدم بكل العمليات حتى مرحلة البيع للعميل.

وهل هناك سمات مشتركة للمتردين على معرضك؟

- هم يشتركون جميعا فى أشياء كثيرة، ومن بينها القدرة المادية، وإن كان الثراء ليس وحده شرطا للإِقبال على هذا الفن، ولذلك فعملائى أيضا مثقفون ومحبون للتاريخ ولديهم معلومات وافية عن الأشياء التى يحبون اقتناءها، ولا يلغت نظرهم سوى الأشياء الجيدة بالفعل، ويستطيعون اكتشاف العيوب بسهولة شديدة، ويحبون التأكد من المعلومة التى تقدمها لهم، لذلك فأنا استعين دائما بـ ( كتالوجات) تشرح المعلومات التى أقدمها بالكلمة والصورة

No comments:

Post a Comment