الفرق بين حفلات زمان واليومين دول

جرب وانت جالس ذات مرة مع والدك او جدك او أحد اقاربك من هواة الموسيقى والطرب.. اسأله عن حفلات ام كلثوم أو عبد الحليم حافظ ماهي طقوسها.. كيف يتم تنظيمها؟ كيف يتعامل الجمهور مع المطربين؟ كيف يستقبله؟ وبماذا يحييه؟ وماهو رد المطرب عليه؟ وكيف يقابل عبارات الاعجاب؟.

اسالهم واستفسر منهم ولن يبخل عليك بإجابة مقرونة بابتسامة عفوية جميلة يستعيد بها بطريق الفلاش باك شريط الذكريات ولسان حاله يقول "يرحم زمان وليالي زمان". يتذكر حفلة "الست" في أول خميس من كل شهر والتي ينتظرها العرب من المحيط إلى الخليج، يضعون اذانهم وقلوبهم على الراديو وبمجرد اعلان المذيع الشهير جلال معوض عن قدوم الست ترقص القلوب من الفرح تبدع وتتألق ولا تسمع صوتا او حركة داخل الصلة.

تجد "السميعة" سواء في مسرح الاوبرا في مكانه القديم أو بجوار الراديو وكأن على رؤسهم الطير لا يتحركون ويتنفسون بصوت خفي حتى لا تضيع منهم آه من آهاتها او كلمة من كلمات اغانيها وبعد أن تنتهي وصلتها الغنائية يمطرها عشاقها بوابل من التصفيق يفرغون من خلالها طاقاتهم المكبوتة بعد أن امتعتهم الست بوجبة غنائية دسمة.

لم تشهد حفلات نجوم الزمن الجميل أي مشاكل في التنظيم ولم يكن هناك بودي جاردات أو شرطة أو أي مظاهر تجعل من الحفلة الغنائية ثكنة عسكرية ترفع شعار "ممنوع الاقتراب أو التصوير" وحتى تلك اللقطة الشهيرة التي رأيناها حول احد المعجبين الذي صعد الى خشبة المسرح وانحنى ليقبل قدم أم كلثوم، تم تفادي الامر بسرعة دون مشاكل وكان تصرفه عفوي وليس تجاري يبحث من خلاله عن الاضواء فلم تكن ام كلثوم بحاجة الى تسليط اعلامي او تحتاج لتلك التصرفات لتسويق جماهيريتها بل كانت مشاعر صادقة تفرض قوتها على المعجبين تدفعهم للتصرف بشكل غير عقلاني..

فكيف سيكون الحال لو عقدنا مقارنة بسيطة بين "حفلات زمان" وحفلات اليومين دول؟ وكيف ستكون النتيجة؟ اطلب الاجابة من والدك وجدك وحاول ان تجاوب وستجد المقارنة ظالمة لا محل لها من الاعراب.. فكيف تتم المقارنة بين رموز غنائية تاريخها الفني حفرته بأغانيها التي لا تنسى وشعبيتها الجارفة وبين مشاهد تمثيلية أصبحت محفوظة بعيدة كل البعد عن الفن والغناء.

حفلات "اليومين دول" اصبحت مكررة وبالكربون.. مسرح مدجج بالبودي جاردات الغلاظ "يكشرون" وينظرون بعبوس شديد تجاه الجمهور المفتون بنجمه المحبوب والذي قطع الاف الكيلو مترات ودفع من دم قلبه من اجل حضور حفله.. البودي جاردات بعضلاتهم المفتولة يتربصون بأي شخص قد يحاول او يفكر في الاقتراب من نجم النجوم ومن ينسى نفسه ويقترب من الخط الأحمر الذي وضعه هؤلاء فيتأكد تماما أنه سيقضي ليلته ممداً على سرير احدى المستشفيات أو على أقصى تقدير سيعود ووجهه قد احتوى قدراً لأباس به من الأورام وسيحتاج الى اسابيع من اجل معرفة ملامحه فضلا عن ملابس ممزقة تكشف أكثر مما تستر.

لا نلصق اتهامات او اكاذيب - معاذ الله - بأحد بل نرصد ما نسمعه وما تبثه الاخبار عن مهازل "الحفلات" التي لا تنتهي والتي أصبحت ظاهرة، فنادرا ما تخلو حفلة غنائية من أحد مشاهد الاكشن السينمائية.. اغماءات.. خناقات.. صراخ وعويل.. صيحات وصرخات.. واليكم نماذج من غرائب وعجائب حفلات اليومين دول:

محمد حماقي

تعرض المطرب محمد حماقي لموقف حرج خلال حفل بإحدى مدن الملاهي حيث صعد معجبان على نحو سريع إلى خشبة المسرح، ليجبره الأول على خلع ملابسه، والغناء بالملابس الداخلية، أما الثاني فحاول تقبيله رغما عنه.

من جانبه، روى حماقي تفاصيل الواقعة قائلا إنه بينما كان مندمجا في تقديم إحدى أغنياته فوجئ بصعود شاب بسرعة الصاروخ إلى خشبه المسرح، يقول له (اخلع القميص) فاندهش حماقي في البداية، إلا أن الشاب ألح في طلبه.

وحاول رجال الأمن التدخل للتعامل مع الموقف بحزم، غير أن حماقي منعهم من ذلك، وكرر الشاب طلبه فما كان من حماقي إلا الرضوخ لطلبه، وحينما سأله عن السبب أكد له هذا الشاب أنه تمنى كثيرا مقابلته، والوقوف بجواره، وأن هذا القميص سيضعه في خزانته كذكرى لهذا اليوم الذي اعتبره يوما تاريخيا في حياته.

ولم تكن تلك هي الواقعة الوحيدة التي أحرجت حماقي خلال الحفل؛ إذ حاول معجب آخر الوصول إليه لتقبيله قبل أن يحول رجال الأمن بينه وبين الصعود للمسرح، ظنا منهم أنه يريد التهجم على المطرب الشاب مثلما يحدث في الكثير من الحفلات.

وقال حماقي عن ذلك الموقف إنه عندما عرف أن الشاب يريد تقبيله، قام على الفور باحتضانه وتقبيله بود شديد، مشيرا إلى أنه لم يشك لحظة في أن أحدا من جمهوره يحاول إيذاءه، لذا يغني وسطهم بعيدا عن رجال الأمن "البودي جارادات" فعلاقته بالجميع طيبة، وليس بينه وبين أي أحد ضغينة تجعله يخشى أي تصرف أحمق.

وأكد المطرب الشاب أنه لا يستطيع أن يمتنع عن تنفيذ طلب من معجب لأن الجمهور في البداية والنهاية هو الباقي له، وهو أيضا السبب في صناعة فنان اسمه محمد حماقي.

تامر حسني

حفلات تامر حسني دائما عامرة بالأزمات اخرها ما حدث في حديقة انطونيادس في الإسكندرية حيث انقذت العناية الالهية شابا من الموت المحقق علي يد البودي جاردات عندما حاول شاب اختراق الحاجز الأمني الذي صنعه الحراس الشخصيين لتامر، والذين تعدوا الـ 200 "بودي جارد" قبل أن يمسكوا به ويطرحوه أرضا، ويضربوه في أنحاء متفرقة بجسده حتى تقطعت ملابسه تماما وأصيب بعدد من الكدمات والجروح.

ولاحظ تامر حسني وجود حالة من الهرج على الجانب الأيمن من خشبة المسرح فتوقف عن الغناء وطلب من الحراس ترك الشاب ليصعد، وبعد محاولات منه رفعه الحراس إلى المسرح وهو فاقد للوعي تماما.

ونفى تامر حسني أن يكون ما تعرض له الشاب كان بأوامر شخصية منه حيث إن كل ما طلبه من الحراس هو المحافظة على النظام العام في الحفلة حتى لا يتعرض أحد للأذى وكذلك حمايته من تدافع الفتيات نحوه كما يحدث في معظم الحفلات.

وتعهد تامر بمحاسبة حراسه الذين اعتدوا على الشاب، وقال: "أوصيت المساعدين الذين يعملون معي بأن يصطحبوا الشاب فورا إلى المستشفى لعلاجه وشراء ملابس جديدة له بدلا من تلك التي تمزقت".

كاظم الساهر

شهدت حفلته الأخيرة في مهرجان الاردن اشتباكات دامية واغماءات عديدة وتحول المسرح الى ساحة حرب من معجبين ومعجبات المطرب العراقي حيث ركضت إحدى الفتيات المتيمات بالساهر إلى المسرح متجاوزة كل عقبة أمامها لتصل وتعانق كاظم وسط صراخ المعجبات "يا نيالها... كاظم أتفرج هون"، مما أدى إلى زيادة رجال الأمن المحيطين بالمسرح.

وفي هذه الأثناء، قفز شاب إلى المسرح بكل جرأة وحاول الوصول لكاظم للحصول على توقيع منه، ولكن كان ثمن التوقيع نهر من الدم سال من أنفه وفمه إثر محاولة رجال الأمن منعه من الوصول، مما أدى لوقوعه على الأرض وإخراجه من المسرح.

وفي الوقت الذي اعتقدت إدارة المهرجان أنها سيطرت على الموقف، فوجئت بالساهر يطالب بعودة الشاب إلى خشبة المسرح لمصافحته ومنحه توقيعه الذي طلبه على قميصه، الأمر الذي دفع الشاب للقول بأنه أسعد إنسان.

الطريف أن إحدى الفتيات والتي لا تفوّت حفلة للمطرب العراقي كاظم الساهر ابتكرت طريقة جديدة خاصة بها لتلفت نظره حيث تحجز لنفسها مقعداً قرب خشبة المسرح رافعة لافتة عريضة من القماش مكتوب عليها "بحبك يا كاظم" هاتفة له بهذه العبارة مع نهاية كل أغنية يقدمها. ظهرت هذه الفتاة في حفلات كاظم أكثر من عشر مرات في الأعوام الخمسة الأخيرة والغريب أن كاظم كان يكتفي بابتسامة رقيقة يشوبها الخجل!

محمد منير

في أحد اللقاءات المفتوحة مع الفنان محمد منير بهدف التحدث عن مشواره الفني وأثناء استعداده لمغادرة القاعة اقتربت منه فتاة أصرت على تقبيله ولم يحرّره منها سوى أفراد الأمن المتواجدون في المكان، وتظاهرت الفتاة بالإغماء في حين كان منير غادر القاعة في حالة ذهول شديد مما حدث.

ديانا كرزون

وشهد حفل الفنانة الأردنية ديانا كرزون الذي أقيم في جامعة البتراء الأردنية العشرات من حالات الإغماء بين المعجبين والمعجبات بالاضافة الى ظهور علامات الإرهاق على البودي جارد المكلف بحمايتها والحرس الأمني التابع للجامعة.

وقد بادرت ديانا كرزون الى الاطمئنان على الشابات والشبان الذين كانوا قد اصيبوا بحالات إغماء التي أدت إلى توقفها عن الغناء لأكثر من مرة لإجراء الإسعافات اللازمة.

وهكذا باتت مسارح نجوم الساحة الغنائية مكانا لاسعاف المعجبين المهوسيين بمحاولات لمس نجمهم الذي يرضي غروره مثل هذه التصرفات فهي دعاية لهم تزيد من شعبيتهم بل ان بعضهم قد يلجأ اليها ليرسل رسالة للاخرين انه الاكثر نجومية وشعبية لذا قد تكون بعض تلك الحالات مفتعلة وغير حقيقية يلجأ اليها النجوم للترويج لانفسهم ولو بالخداع والتزوير.

ولا نملك سوي ان نقول يرحم زمان وحفلات زمان.


اشترك الان معنا ليصلك جديدنا يوميا عبر الايميل

No comments:

Post a Comment