القذافي ومفاجأة مثيرة لحسناوات ايطاليا

الجدل الذي يصاحب زيارات الزعيم الليبي معمر القذافي الخارجية لم يفارقه خلال القمة العالمية للأمن الغذائي في روما ، حيث فاجأ الجميع بتصرف مثير لم يكن بالحسبان ألا وهو قيامه بدعوة 500 فتاة جذابة تتراوح أعمارهن بين 18 و35 عاما لأمسية خاصة لم تكن بهدف الترفيه والخروج من صداع السياسة وإنما لسبب آخر تماما وهو محاولة إقناعهن باعتناق الإسلام .

وتحت عنوان "القذافي قضى في روما عدة ساعات بصحبة 200 ايطالية حاول إقناعهن باعتناق الإسلام" ، كتبت صحيفة "الشرق الأوسط " اللندنية تقول في 17 نوفمبر / تشرين الثاني إن الزعيم الليبي معمر القذافي الذي زار روما لحضور قمة الأمم المتحدة للغذاء حاول إقناع مئات الفتيات الايطاليات باعتناق الدين الإسلامي .

وأضافت أنه ما أن وصل القذافي روما ، إلا وقامت وكالة "هوستس ويب" الايطالية للتوظيف بنشر إعلان جاء فيه "مطلوب 500 فتاة جذابة ومرحة تتراوح أعمارهن بين 18 و35 عاما وأن تكن طوال القامة حيث لا يقل الطول عن 170 سنتيمترا ويتمتعن بحسن المظهر مع الابتعاد عن ارتداء الملابس القصيرة والثياب مفتوحة الصدر ".
وتابعت الصحيفة " وحضرت نحو 200 امرأة في فيلا بروما بعد أن أبلغن بأنهن سيحصلن على 60 يورو وبعض الهدايا الليبية ".

ورغم أن غالبية المشاركات توقعن حضور احتفال أو أمسية خاصة لكن بدلا من ذلك طلب منهن الانتظار في قاعة ضخمة بأحد الأحياء الفخمة في روما وبعد ساعة من الانتظار فوجئن بوصول الزعيم الليبي الذي حاضر أمامهن نحو ساعتين عن ليبيا وفضائل الدين الإسلامي ودور النساء فيه وانتهى إلى دعوتهن لاعتناق الإسلام .

الاستفزازات تتواصل


القذافي وبيرلسكوني

التطور السابق من شأنه أن يسبب أزمة دبلوماسية جديدة بين ليبيا وايطاليا خاصة وأن هذه ليست المرة الأولى التي يستفز فيها القذافي الايطاليين وفي عقر دارهم ، بل ويذهب البعض إلى القول إن ممارسات الاستعمار الايطالي ضد الليبيين باتت الحاضر الغائب في زيارات القذافي لروما حيث تبدو تلك الزيارات وكأنها محاولة لتركيع ايطاليا التي طالما مارست أبشع الجرائم بحق الليبيين.

ولعل ما حدث في يونيو / حزيران الماضي يرجح صحة الفرضية السابقة ، فالزعيم الليبي كان وصل إلى العاصمة الإيطالية روما في 10 يونيو في أول زيارة له لإيطاليا منذ توليه السلطة عام 1969 .

خلال تلك الزيارة التاريخية ، قام القذافي بعدد من التصرفات التي استفزت بشدة الايطاليين وكادت أن تسبب في إلغاء الزيارة لولا تدخل رئيس الوزراء الإيطالي سليفيو بيرلسكوني في اللحظات الأخيرة ونجاحه في نزع فتيل الأزمة .
وبدأ التوتر في 12 يونيو عندما ألغى رئيس مجلس النواب الإيطالي جيانفرانكو فيني لقاء مع القذافي لتأخر الأخير عن الوصول لساعتين من دون تقديم مبرر لذلك.

وقال فيني للإعلاميين الذين كانوا يترقبون مؤتمره الصحفي مع القذافي :" إن على أن أبلغكم بأن اللقاء الذي كان مفترضا عقده في الساعة الخامسة عصراً مع رئيس الجماهيرية الليبية لن يعقد بسبب التأخير لأكثر من ساعتين لم يتسلم خلالهما رئيس مجلس النواب أي تبرير عن التأخير حتى هذه الساعة ، لذا، وبعد تحملي المسئولية كاملة ولإيماني بالدور الذي يمتلكه البرلمان في نظام ديمقراطي، أعلن قراري إلغاء اللقاء".

وفيما بعد ، أصدرت السفارة الليبية في روما بياناً بررت فيه تأخر القذافي عن موعده مع فيني بانشغال الزعيم الليبي بصلاة الجمعة ، مشيرة إلى أن إلغاء فيني للقاء أثار غضب الجانب الليبي.

وفي محاولة لنزع فتيل الأزمة ، سارع رئيس الحكومة بيرلسكوني إلى لملمة الوضع عبر زيارة خاطفة لخيمة القذافي المنصوبة في حديقة "فيلا دوريا بانفيلي" في روما ، حيث قدم له ما يشبه الاعتذار ، وأدلى بعد اجتماعه مع القذافي بتصريحات أكد خلالها أنه تم التعامل مع معمر القذافي على أنه رئيس مختلف، فالكل يعلم أنه مختلف قليلاً ، قائلا :" لكن إن اكتشفتم كيفية التعامل مع زبون مختلف ، فستكسبونه مدى الحياة".

تركيع الايطاليين


القذافى وهو يحمل صورة عمر المختار

التصريحات السابقة حاولت التغطية على حقيقة أن القذافي سعى لتركيع الايطاليين ومن أبرز الدلائل على ذلك أن التأخير كان صفة ملازمة لكل مواعيد الزعيم الليبي مع القادة الإيطاليين ابتداء بلقائه الأول مع رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو في يوم وصوله إلى روما .

كما استفز القذافي الايطالييين في أول زيارة له لروما منذ حوالي 40 عاما ، عندما حمل على صدره صورة بالأبيض والأسود لمشهد اعتقال قائد المقاومة الليبية عمر المختار عام 1931 موثقا بالسلاسل من قبل سجانيه الإيطاليين الذين كانوا يستعمرون ليبيا في ذلك الوقت .

وعلقت صحيفة " الإندبندنت " البريطانية على التصرف السابق قائلة : "القذافي الجامح يستفز إيطاليا في أول زيارة لروما منذ 40 عاما ، الصورة تظهر اعتقال قوات الاستعمار الإيطالي لزعيم المسلحين الليبيين عمر المختار".
وواصل القذافي استفزازه للايطاليين عندما أكد أن الأمر مقصودا ، حيث دافع عن قراره وضع صورة اعتقال عمر المختار على بزته العسكرية عند وصوله إلى روما ، قائلا في مؤتمر صحفي مشترك جمعه برئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني :"إن الليبيين يرون شنق عمر المختار مماثلا لصلب المسيح بالنسبة للمسيحيين ، هم (المسيحيون) يحملون الصليب على صدورهم".

وأضاف أن صورة قائد المقاومة الليبية التي على صدره بمثابة "رمز" إلى كارثة إعدامه شنقاً خلال الحقبة الاستعمارية الإيطالية من وجهة النظر الليبية ، قائلا :" إيطاليا اليوم لم تعد الدولة التي كانت عليها، لأنها أدانت الممارسات الاستعمارية، واعتذرت عما سلف، وهذا ما دعاني للقيام بزيارتي هذه".

ولم يكتف القذافي بما سبق ، بل إن اصطحب معه أيضا محمد عمر المختار ، وعلقت " الإندبندنت " على هذا الأمر أيضا قائلة :" إن نجل عمر المختار المسن معتل الصحة والذي وجد صعوبة كبيرة في النزول من على سلم الطائرة وقف خلف القذافي بثوبه العربي الأبيض وكان واحدا من بين وفد من 300 شخص يرافقون الزعيم الليبي".

وجاءت آخر الاستفزازات عندما بث التليفزيون الإيطالي في 11 يونيو للمرة الأولى وفي استجابة لرغبة القذافي فيلما يصور الكفاح الليبي ضد الاستعمار الإيطالي والذي أنتج في الثمانينات بتمويل ليبي تحت عنوان " عمر المختار " للمخرج السوري العالمي الراحل مصطفى العقاد.

والخلاصة أنه رغم قيام إيطاليا في 2008 بتقديم اعتذار رسمي لليبيا وخمسة مليارات دولار كتعويض عن التجاوزات التي ارتكبت خلال حكمها الاستعماري بين عامي 1911 و1943 ، إلا أن ما سبق يبدو أنه لم يقنع القذافي حيث بدا في زياراته لروما وكأنه يحاول الانتقام والثأر لكرامة الليبيين .

No comments:

Post a Comment