القاهرة: ذكرت تقارير صحفية إن الاستدعاء الرئاسي المفاجئ للمهندس سامح فهمي وزير البترول أمس الاول واستقبال الرئيس حسني مبارك له، تسبب في إصابة حكومة الدكتور أحمد نظيف بحالة من الارتباك خاصة بعد الأنباء التي تحدثت عن إمكانية تكليف فهمي بتشكيل حكومة جديدة وهو الأمر الذي أدى إلى "تجميد" الاعلان عن التعديل الوزاري المحدود الذي انتهي نظيف من إعداده.
كان وزير البترول قد عاد لحضور اجتماع مجلس الوزراء عقب انتهاء مقابلة الرئيس ولم يخبر أحدا بأي معلومات حول المقابلة وانصرف من مجلس الوزراء دون ان يتحدث مع احد.
واستمرت التكهنات خلال الساعات الماضية حول اسباب الاستدعاء المفاجئ خاصة ان الخبر الذي بثته وكالة أنباء الشرق الاوسط عن المقابلة كان مقتضبا.
كانت التوقعات تشير إلي اجراء مقابلات يوم الثلاثاء علي ان يكون حلف اليمين الاربعاء او الخميس وهو ما لم يحدث.
وتسبب الجدل حول التعديل الوزاري في استمرار حالة من الترقب من الوزراء خاصة المجموعة الوزارية المقربة من أحمد نظيف ووزراء الخدمات، وتعمد عدد من الوزراء عدم الظهور الإعلامي وتلاشي حدوث أي أزمة في وزارتهم أو مهاجمة الإعلام لهم حتي لا يطالهم التعديل الوزاري، وحاول آخرون التأكيد علي دعم وتأييد جمال مبارك والسيدة الأولي لهم، بعيدا عن تأييد رئيس الوزراء.
في نفس السياق، يقول رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة حلوان عضو أمانة السياسات في الحزب الوطني د. جهاد عودة إن التغيير الوزاري من حيث المبدأ من مسؤولية اثنين فقط حسب الدستور وهما: رئيس الدولة بصفته رئيس السلطة التنفيذية، ورئيس الوزراء أحمد نظيف بصفته رئيس الحكومة، وبالتالي فأي حديث عن تغيير وزاري لا محل له من الإعراب إلا من خلال هذين الشخصين.
وأضاف أن الحديث عن التغيير الوزاري المحدود أو الموسع الذي يتوقعه البعض بين لحظة وأخرى هو من صنع الصحافة ووسائل الإعلام، والمتابع للأمور في مصر يكتشف أن الصحافة تكتب عند كل مشكلة وفى أعقاب كل مؤتمر للحزب الوطني وقبله وأثنائه عن وجود تغيير وزاري محدود وتذهب بعض الصحف بعيداً عندما تعلن عن أسماء مرشحين لتولى حقائب وزارية ثم نفاجأ في النهاية أنه لا تغيير تم، ولا تولت الأسماء التي رشحتها الصحافة أي حقائب وزارية وبعدها بفترة نفاجأ كالعادة من خلال نشرة الأخبار بأن الرئيس أصدر قراراً بتولي فلان وزارة خلفا لفلان وينتهي
الأمر.
وحسبما ذكرت صحيفة "البيان" الاماراتية، يرى العضو المستقل بمجلس الشعب المصري (البرلمان) وأستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة قناة السويس جمال زهران، أنه لا يمكن لأي فرد في مصر أن يتنبأ بتغيير وزاري أو حلول وزير محل آخر لأن الرئيس مبارك فقط هو الذي يحتكر اتخاذ هذا القرار، وأحياناً كثيرة يختار رئيس الجمهورية الوزراء الجدد ويكون رئيس الوزراء آخر من يعلم.
وأضاف إن الحزب الوطني هو دائما الذي يسرب تلك الأخبار إلى الصحافة حتى يشغل الناس، وأحيانا ليغطى على سلبيات معينة، مثلما هو حادث الآن حيث أصبح التغيير الوزاري هو حديث الشارع رغم أن هناك قضايا أهم يجب التركيز عليها مثل: أنفلونزا الخنازير وتأجيل العام الدراسي وسياسة الحكومة في حالة تفشى المرض إلى وباء، والإصلاح السياسي، وغيرها من القضايا المصيرية ذات القيمة.
وقلل زهران من أهمية أي تغيير وزاري يتم في مصر لأن التغيير الحقيقي يجب أن يكون في السياسات، وليس في الأشخاص، مؤكدا على أن «الوزير في مصر مهما كان اسمه لا يملك اتخاذ القرار».وشدد في النهاية على أن تغيير الدستور أهم من التغيير الوزاري وهو ما يجب أن يشغل اهتماماتنا واهتمام الشارع المصري كله ويعمل على تحقيقه، مشيرا إلى أن التغيير الوزاري تغيير وهمي يستهدف شغل الجماهير عن المطالبة بتغيرات دستورية حقيقية.
في غضون ذلك، ألمحت مصادر سياسية رفيعة المستوي إلي أن التعديل الوزاري قد يتم تأجيله عدة أسابيع، وأن نظيف سيختار مرشحاً بديلاً لوزير النقل السابق محمد لطفي منصور من بين مهندسين سابقين بالقوات المسلحة أو من أساتذة جامعتي عين شمس والقاهرة.
وحسبما ذكرت صحيفة "الدستور"المصرية المستقلة، أشارت المصادر إلي أن تعليمات صدرت من الرئيس مبارك إلي مجلس الوزراء بالتركيز خلال المرحلة المقبلة علي تنفيذ برنامج الرئيس الانتخابي الذي اقترب من نهايته، وكذلك التركيز علي إعداد مشروعات القوانين لعرضها علي المجلس خلال دورته البرلمانية الوشيكة وقبل أن يتم حل المجلس وبدء انتخابات جديدة.
يأتي هذا بينما ذكرت مصادر سياسية أخري أن تأجيل التعديل الوزاري يرجع إلي الارتباطات الدولية للرئيس مبارك خلال الأيام العشرة المقبلة والتي تبدأ بحضوره مؤتمر الصين وأفريقيا في شرم الشيخ، ورجحت المصادر نفسها أن يجري التعديل الوزاري بعد ذلك ويمكن أن يكون أكثر شمولاً عما ساد في الأوساط السياسية اليومين الماضيين من حيث محدوديته.
وكان الدكتور مجدي راضي - المتحدث باسم مجلس الوزراء - قد أكد يوم الأربعاء الماضي أن الحقيبة الوزارية الشاغرة هي وزارة النقل فقط وليس غيرها، مما يؤكد أن التعديل مؤجل لحين إشعار آخر، وأن الساعات المقبلة سوف تشهد اختيار وزير جديد للنقل.
No comments:
Post a Comment