الوليد بن طلال يتحالف مع الصهيوني ميرودخ

في خطوة جديدة على طريق تعزيز التحالف الاستراتيجي الذي ربطهما على مدى السنوات الماضية ، أعلنت مؤسسة "نيوز جروب" التي يملكها امبراطور الإعلام الأمريكي روبرت ميردوخ في 23 فبراير أنها قامت بشراء 9.09 بالمائة من مجموعة روتانا الإعلامية التابعة للمستثمر السعودي الأمير الوليد بن طلال .

ولم يقف الأمر عند ما سبق ، فقد كشفت مؤسسة "نيوز جروب" أيضا أنها ستستثمر مبلغ 70 مليون دولار في أسهم جديدة أصدرتها مجموعة روتانا بل تمتلك أيضا خيار زيادة نسبة ملكيتها في المجموعة إلى 18.18 في المائة خلال عام ونصف.

وفي أول تعليق له على التطور السابق ، أعلن الأمير الوليد أن الاتفاقية الجديدة ستجلب خبرة تليفزيونية وأخرى في مجال إنتاج الأفلام إلى روتانا ، بالإضافة إلى خبرات في المجال التقني والنيوميديا.

ورغم أنه أكد أن هذا الاستثمار ليس ذا طابع تمويلي بالنسبة لروتانا التي لا تفتقر إلى التمويل ، إلا أن كثيرين رجحوا حرص الأمير السعودي على تعزيز تحالفه الاستثماري مع ميردوخ في إطار مساعيه لتوسيع وجوده الدولي بعد عام تكبدت فيه شركة روتانا تراجعا كبيرا في إيراداتها نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية ، ولعل هذا ما ظهر واضحا في تصريحات أدلى بها الوليد بعد اجتماعه مع ميردوخ في 14 يناير/كانون الثاني الماضي في نيويورك ، حيث أعلن حينها عن احتمال قيام تحالفات في المستقبل مع "نيوز جروب" ، مشيرا إلى أن روتانا بحاجة إلى مستشار مالي يساعد في نقل ملكيتها من القطاع الخاص إلى قطاع المساهمين .

وبالتزامن مع التصريحات السابقة ، كشفت تقارير صحفية أمريكية حينها أن نيوز جروب وهي الشركة الأم المالكة لـ "فوكس نيوز وداو جونز من بين مؤسسات أخرى" تعتزم شراء حصة في مجموعة روتانا التي يملكها الأمير الوليد في إطار خططها للتوسع في الشرق الأوسط وهو ما تحقق بالفعل في 23 فبراير .

بل ويرجح البعض أن هناك المزيد من الصفقات في هذا الصدد بالنظر إلى الأمير الوليد لم يتردد على مدى السنوات الماضية في إظهار تحالفه ودعمه الشديد للتحالف الإعلامي مع ميردوخ .

ففي العام 2005 ، أعلن الوليد عن دعمه لميردوخ عبر استبدال الأسهم التي ليس لها حق التصويت وكانت تملكها شركة المملكة القابضة التي يرأس مجلس إدارتها في شركة نيوز جروب إلى أسهم لها حق التصويت ليصبح إجمالي الأسهم التي تملكها الشركة 5.7 في المائة.

وفي عام 2008 ، قام كل من الوليد وميردوخ برعاية اتفاقية لدخول قناة أفلام فوكس للعالم العربي من خلال شراكة بين شركتي روتانا ونيوز جروب ثم سرعان ما قامت روتانا وفوكس إنترناشيونال تشانلز بتوقيع اتفاقية مع شركة والت ديزني لتقديم مجموعة من البرامج في الشرق الأوسط.

وفي ضوء حقيقة أن الوليد يملك 5.7 في المائة من رأسمال شركة نيوز جروب ليكون بذلك ثاني أكبر مساهم في تلك الشركة التي يرأس مجلس إدارتها العاشق للصهيونية روبرت ميردوخ ، فإن الفرصة تبدو سانحة أمام الأخير لإقناع الأمير الوليد بزيادة حصته في نيوز جروب مقابل توسيع حصة امبراطور الإعلام الأمريكي في روتانا وغيرها من المؤسسات الإعلامية التي يمتلكها الأمير الوليد وهو ما يفتح الباب واسعا أمام التغلغل الصهيوني في الثقافة العربية وهو ما لم تنجح إسرائيل في تحقيقه حتى الآن.

فمعروف أن الوليد يملك حصة 29.9 في المائة في المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق التي تقوم بنشر عدة صحف ومجلات بينها جريدة الشرق الأوسط ، بالإضافة إلى قناة الإرسال اللبنانية الفضائية "ال بي سي سات" والتي يملك الوليد 90 في المائة منها .

وبالنظر إلى أن شركة روتانا تضم شبكتها التليفزيونية 5 قنوات فضائية وتملك مكتبة أفلام عربية كبيرة والعشرات من العقود لمشاهير الغناء في العالم العربي ، فإنه ما أن أعلن عن شراء ميردوخ 9.09 بالمائة من ملكيتها إلا وحبس العرب أنفاسهم باعتبار أن الأمر يمهد لتغلغل صهيوني واسع في التراث والثقافة العربية وهنا تكون وقعت الكارثة لأن الاحتلال مهما طال أمده فإن مصيره الزوال ، أما الغزو الثقافي فهو يبقى ويستفحل يوما بعد يوم بل ويؤدي في النهاية إلى طمس هوية وحضارة الشعوب المنكوبة به .

عاشق الصهيونية


روبرت ميردوخ

ولعل إلقاء نظرة على السيرة الذاتية لميردوخ يؤكد الخطر المحدق بالعرب ، فهو ليس يهودياً كما هو شائع عنه في الكتابات العربية ، لكنه فقط يميني متطرف يعشق الصهيونية وملتزم بكافة توجهاتها ومبادئها وبوصفه أحد أباطرة الإعلام في العالم يعد الملياردير الأسترالي الأصل الصوت الإعلامي الأول والأقوى تأثيراً لدى مجموعة التطرف المسيحي في الولايات المتحدة المعروفة باسم "المحافظين الجدد".

ففي "تقرير واشنطن" لشهر يونيو 1995 ، ذكر كورت هولدن أن ميردوخ لا هو يهودي الديانة ولا من أعضاء مجلس اليهود الأمريكيين (إيباك) وعلى الرغم من ذلك فهو أفضل من يمكن تكليفه بإصدار مجلتين جديدتين تعملان لدعم إسرائيل إعلاميا .

وتعتبر مجموعة ميردوخ الإعلامية "نيوز جروب أو "نيوز كورب" كما يطلق عليها البعض واحدة من 3 مؤسسات عالمية تحرص جمعية الصداقة الأمريكية الإسرائيلية (اللوبي اليهودي) على شكرها لدعمها إسرائيل إعلامياً واستثمارياً .

ومن المعروف أيضاً أن ميردوخ (77 عاماً) استلم عددا من الجوائز من جمعيات يهودية كثيرة في العالم كما أن بيتر شيرنين Peter Chernin ــ الرجل الثاني في إمبراطوريته ــ يهودي متعصب.

بل والمثير للانتباه أيضا أن ميردوخ يستحوذ على قنوات "سكاي" في بريطانيا ويعد أحد أهم الأقطاب الإعلامية فيها حيث يمتلك وكالة إعلامية ضخمة تضم العديد من الصحف والمجلات والمواقع إلى جانب المحطات التليفزيونية ويسيطر وحده على 40% من الصحافة في دولة عظمى كبريطانيا بما معها من الرأي العام المحلي والعالمي.

وأمام ما سبق ، فإن مشكلة روبرت ميردوخ ليست في تبنيه لأيديولوجية متطرفة في ميولها ولو كان الأمر يقتصر على ذلك لكان الملياردير العجوز أقل خطراً وإنما في الحقد الذي يغلف هذه الأيديولوجية تجاه الآخر واستغلاله الإعلام كوسيلة ينفث من خلالها الأحقاد دون هوادة.

ولذا لم يكن مستغربا أن تتهم صحيفة "سوشيالست ووركر" البريطانية الصحف التي يمتلكها ميردوخ والمعروفة بموالاتها الشديدة لليهود بشن حملات إعلامية شرسة تستهدف تشويه صورة الأقلية المسلمة هناك ، مؤكدة كذب الاتهامات التي تروجها تلك الصحف عن المسلمين.

وفي الولايات المتحدة ، انحاز ميردوخ انحيازاً صارخاً لإدارة جورج بوش الابن السابقة وخلال اجتياح العراق في العام 2003 وقفت صحف ميردوخ ومحطاته وشبكاته التي كان يملكها في الولايات المتحدة وخارجها جميعاً إلى جانب الغزو الأمريكي للعراق.

والخلاصة أن ميردوخ الذي يستحوذ على حصص في أكثر من 750 مؤسسة إعلامية في العالم ونقل مقر عمله الرئيس من استراليا إلى الولايات المتحدة وتصل عائدات شركته اليوم إلى 25 مليار دولار سنويا بات يشكل الخطر الأكبر على العرب لأنه يقوم بالتغلغل غير المعلن في الثقافة والعقول وهذا تحديدا هو حلم إسرائيل الذي عجزت عن تحقيقه حتى الآن.


إمبراطورية روبرت ميردوخ الإعلامية وجذوره اليهودية

تسيطر على الإعلام العالمي، والأمريكي بالأخص، خمس أو ست تروستات، أو كتل، رئيسية، تعود جميعها إلى يهود في الملكية والإدارة، إلا إمبراطورية روبرت ميردوخ الإعلامية التي كانت تساق دوماً كمثال على كتلة مالية تسيطر على وسائل إعلام عالمية كبرى ولا ترتبط ملكيتها باليهود. ولكن هل صحيح أن روبرت ميردوخ (تكتب Rupert Murdoch)، الأسترالي الأصل، ليس يهودياً، أم أنه يخفي جذوره اليهودية لسببٍ ما؟



حسب عدة مواقع على النت، فإن والدة ميردوخ، واسمها أليزابيث جوي غرين Elisabeth Joy Greene، هي ابنة الثري اليهودي روبرت غرين Rupert Greene، وأن أبا روبرت ميردوخ، واسمه كيث ميردوخ Keith Murdoch، كان يعمل مراسلاً لصحيفة بريطانية في استراليا بأجر قليل جداً حتى تزوج من أليزابيث والدة روبرت ميردوخ عام 1928 ليكون ثروة العائلة بعدها في مجال ملكية الصحف ليرثها ويوسعها ابنه روبرت من بعده إلى إمبراطورية إعلامية عظمى. وتضيف نفس المصادر أن روبرت ميردوخ سمي كيث على اسم أبيه عندما ولد عام 1931، ولكنه غير اسمه الأول لاحقاً على اسم جده من أمه اليهودية.



وهناك مواقع أخرى على النت تكذب ادعاءات انتساب والدة روبرت لليهودية. لكن الشيء المؤكد هو أن المعلومات عن أصول عائلة ميردوخ قليلة جداً وأن والد روبرت ميردوخ كان مراسلاً صحفياً بأجر شديد التواضع حتى ارتبط بعائلة غرين، وأن والدة ميردوخ هي أليزابيث غرين فعلاً، ولكن لا معلومات أكيدة بأنها يهودية فعلاً، ونعرف حسب الدين اليهودي أن قضية من هو اليهودي موضع خلاف شديد، سوى أن الأكثر تشدداً بين الحاخامات يرون اليهودي من كانت أمه يهودية...



وبالرغم من هذا الجدال حول الجذور اليهودية لروبرت ميردوخ، فإن سلوكه ومواقفه وتوجهاته جعلته تاريخياً أكثر يهودية من اليهود. فقد بقي لفترة طويلة محسوباً على المحافظين الجدد، واستخدم وسائل إعلامه للترويج لأجندتهم السياسية، وكان من أشد أنصار العدوان على العراق، ناهيك عن تعصبه الأعمى لا لدولة "إسرائيل" فحسب، بل لليكود، ويعتبر بنيامين نتنياهو من الضيوف الدائمين لقناة فوكس نيوز التي أنشأها روبرت ميردوخ لتنافس قناتي السي أن أن CNN الأمريكية، والبي بي سي BBCالبريطانية، اللتان يعتبرهما ميردوخ أكثر ليبرالية مما يجب.



وقد وجدت على أحد المواقع على النت القصة التالية عن تعصب ميردوخ للصهيونية من أحد مراسلي التايمز The Times البريطانية التي يملكها ميردوخ: "كان مدراء الصحيفة يخافون من استفزازه [أي استفزاز ميردوخ] إلى درجة لا تصدق. فعندما حققت سبقاً صحفياً صغيراً بتعقب ومقابلة وتصوير تلك الوحدة في الجيش الإسرائيلي التي قتلت محمد الدرة، الصبي ذا الاثني عشر عاماً الذي التقطت لحظة موته على الكاميرا، والذي أصبحت صورته أيقونة للنزاع، طلب مني رؤسائي أن أقدم مادتي عن الوحدة الإسرائيلية للصحيفة "بدون ذكر الولد الميت" كما قالوا... وبعد تلك المحادثة، بت غير قادرٍ على الكلام، فاستقلت من الصحيفة".



لا تعليق!

وهناك في الغرب من ينتقد ميردوخ من منظور إعلامي أساساً لأنه انحط بمستوى الصحافة والإعلام من خلال "النقلة" التي أدخل فيها الجنس والفضائح كتسلية للقراء في الأسبوعيات الشعبية Tabloids في استراليا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها. وقد كان هذا "التكتيك الإعلامي" مربحاً جداً بالنسبة له، وعنصراً أساسياً في بناء إمبراطوريته الإعلامية والمالية (مثلاً، كان تعويض طليقته الثانية عام 1999 حوالي مليار وسبعمئة مليون دولار).



بالرغم من ذلك، دعم روبرت ميردوخ بقوة الاتجاه المحافظ في الولايات المتحدة (الجمهوريين) وبريطانيا (المحافظين) خلال الثمانينات، وكان صديقاً للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان ومتحالفاً مع مرغاريت تاتشر، ومن المعروف أن ريغان وتاتشر بدأ في عهدهما التحول في الغرب باتجاه سياسة خارجية أكثر عدوانية، وسياسة داخلية تقوم على تخفيض الضرائب للأغنياء وشطب برامج الدعم للفقراء والطبقة الوسطى. كما أن وسائل إعلامه ساعدت جون ميجور في بريطانيا في تحقيق نصره الانتخابي عام 1992، ولكنه خلال التسعينات تحول إلى دعم توني بلير من حزب العمال البريطاني الذي كان قد تحول إلى اليمين في الكثير من القضايا. كما أن ميردوخ استضاف حفلة لجمع التبرعات لترشح الديموقراطية هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، لانتخابات الرئاسة الأمريكية، مع أن صحيفة نيويورك بوست New York Post التي يملكها ميردوخ عارضت ترشيح كلينتون لمجلس الشيوخ عن نيويورك عام 2000.



باختصار، هذا الرجل يملك القدرة على صناعة الرأي العام الدولي، ويمول مجموعات لا تظهر صلة بينها، من بعض المسيحيين المتصهينين إلى أحد معاهد المؤرخين المراجعين إلى غيرهم، ويخفي جذوره اليهودية على ما يبدو، وفي عام 2003، دأبت 175 صحيفة رئيسية يملكها في الغرب، ناهيك عن وسائل إعلامه الأخرى، على التحريض على شن العدوان على العراق.



وكان ميردوخ قد حصل على الجنسية الأمريكية عام 1985 ليتجاوز القانون الأمريكي الذي يمنع غير الأمريكيين من امتلاك محطات تلفزيونية في الولايات المتحدة...

No comments:

Post a Comment