حرام بيع بناتنا للبدو مقابل المال

بات الزواج المتوافق عملة نادرة، خاصة عند الفتيات، بعد أن ارتفعت نسبة العنوسة وشكلت نسبة كبيرة لايستهان بها، ولكن عندما تتحول علاقة مقدسة إلى تجارة خالية من الأخلاق فهنا يحتاج الأمر إلى وقفة خاصة بعد أن انتشرت ظاهرة زواج القاصرات من الأثرياء العرب وتحولت إلى الفتاة إلى سلعة رائجة لها زبونها.



وكانت واقعة قيام والدا إحدى الفتيات بتزويج ابنتهم البالغة من العمر 15 عاماً لثرى سعودي الجنسية مقابل 14 ألف جنيه بمساعدة محام وسمسارة قبل بلوغها السن القانوني، قد أثارت الرأي العام وسببت حالة من الاستياء ليقرر النائب العام المصري بسرعة ضبطهم لمحاكمتهم.



واستدعت النيابة إحدى الفتيات المجني عليهن وبسؤالها قررت أنها تبلغ من العمر حاليا ستة عشر عاما ونصف العام وأنها منذ حوالي عام ونصف قام والداها بعرضها للزواج على أحد الأثرياء العرب الذي يكبرها في السن، عن طريق إحدى السمسارات التي اصطحبتها برفقة مجموعة من الفتيات لعرضهن على ذلك الشخص الذي تبين انه سعودي الجنسية والذي اختارها من بينهن.



وقالت الفتاة المجني عليها في تحقيقات النيابة العامة إن السمسارة استدعت محامياً لتحرير عقد الزواج العرفي, وقام هذا الزوج بدفع مبالغ مالية لكل من والديها والوسيطة والمحامي بلغت 14 ألف جنيه، ثم اصطحبها لشقته وعاشرها وأساء معاملتها جنسيا, منتهكا طفولتها وحقوقها فضاقت به وطلبت من أهلها العودة لمسكنها بدلا من انتحارها فحضرت إليها والدتها واصطحبتها لمسكنها وقام الزوج بتمزيق ورقة الزواج العرفية.



وأشار والدا الفتاة خلال التحقيقات إلى أن الجميع كانوا على علم بأن الطفلة لم تكن قد بلغت الخامسة عشرة من عمرها بعد فأمر النائب العام بإحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة الأمر الذي يتعارض مع القانون المصري الذي يجرم الزواج دون سن 18 عاماً.



وكانت تحقيقات النيابة المصرية قد أفادت بأن الرجل السعودي، طلب من السمسارة أن تبحث له عن فتاة يتراوح عمرها بين 12 و15 سنة ليتزوجها، فرشحت له 7 فتيات اختار منهن "ضحيته" التي لا يزيد عمرها على 14 سنة، وتقاضى الأب 10 آلاف جنيه (1800 دولار) نظير الزواج.



وكشفت التحقيقات أن الضحية اتصلت بوالديها عقب الزواج، تهددهما بالانتحار، إذا لم ينقذاها من السعودي الذي كان يجبرها على ممارسات شاذة الأمر، لكنها ورغم ذلك لا تزال تتم وتتكرر بسبب العريس "اللقطة".




الشيخ محمد امين البنجى

وفى هذا الإطار قال الشيخ محمد البنجي ـ مأذون شرعي ـ :" هذا الزواج من الناحية الشرعية صحيح جداً ولا أحد يستطيع أن يجزم ببطلانه لأنه صحيح الأركان، وعن القانون الجديد المطروح للمناقشة في مجلس الشعب، فأعتقد أنه سيرفع نسبة الزواج العرفي في المجتمع لأنه سيكون الملجأ الوحيد في هذه الحالة بالنسبة لتلك الشرائح والأخطر أن ذلك سيتم بموافقة الأهل".



وتابع:" أنا لا أحبذ زواج الفتيات في هذه السن الصغيرة لانها تكون غير مؤهلة نفسياً وجسدياً وغير قادرة على تحمل المسؤولية بشكل كافي، وخير دليل على ذلك ارتفاع نسبة الطلاق تبلغ في الزيجات التي تتم في هذه الفئة العمرية بين هذه الشريحة بغض النظر عن فارق السن بين الزوجين إذ بلغت نسبتها 85 %".



فيما خالفه الرأي عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقاً حيث أكد " أن الشرع اقر الزواج الرسمي إذا توافرت فيه جميع الأركان المعروفة وهو لا يتقيد بسن معين وبالنسبة للفتاة فينبغي أن تكون عاقلة وبالغة للحلم، وطالما توافرت تلك الشروط فيجوز لوليها تزويجها".



واعتبر رشاد عبد اللطيف أستاذ تنظيم المجتمع ورئيس جامعة حلوان الأسبق أن هذا النوع من الزواج جريمة خاصة الذي يتخذ الشكل التجاري موضحا انه يتم لأسباب معينة، لكنه ينتشر في بعض المحافظات في مصر .



وتابع:" محافظة سوهاج ضربت المثل في عدم وجود زيجات من هذا النوع مقارنة ببعض المناطق في المحافظات الأخرى التي ساعدتها الظروف على ذلك مثل الجيزة حيث شجع نشاط حركة السياحة بها على زواج القاصرات نتيجة احتكاك السواح العرب بالأسر هناك".



وأضاف عبد اللطيف:" هناك بعض المناطق في محافظة المنصورة تنتشر فيها هذه الظاهرة نظراً للقدر الكبير من الجمال التي تتمع به الفتيات هناك، إضافة للثقافات الغربية التي مرت بها المنطقة مثل الاحتلال الفرنسي".




الفقر سبب انتشار هذا النوع من الزيجات

كما ارجع رئيس جامعة حلوان الأسبق انتشار هذه الظاهرة بهذا الشكل لعدة أسباب أولها الفقر وغياب الوعي الأسري الاجتماعي لدى الأسرة، كما أن "للعار" عامل كبير في هذا الموضوع لخشية الأسرة القيل والقال لتأخر الفتاة في الزواج ، كما انه يعتبر فرصة للثراء السريع وقوي لربح للأسرة لتامين حياة أبنائها".



وتابع:" هذا الزواج سيكون آفة اجتماعية في المستقبل إذا لم يتم حسمها، موضحا إن كبار السن في بعض الدول العربية خاصة السعودية والكويت يتخذون الفتيات من اجل ممارسة الجنس معهم لفترة معينة ويصطحبونهم لبلدانهم بعد ذلك للعمل كخادمات لأسرهم هناك".



وأشار إلى " أن ما يتم حاليا يعتبر جريمة أخلاقية ودينية فمن الناحية الدينية اعتقد انه محرم لأنه زواج غير متكافئ كما إن الفتاة تكون مجبرة على ذلك ورافضة نتيجة الضغط الذي تتعرض له".



وأخيرا اعتبر عبد اللطيف أن هذه الزيجات غير جائزة أخلاقيا كونها تشكل امتهاناً لشرف وكرامة المرأة لأنها هنا ستكون سلعة تباع وتشترى على اعتبار أن زوجها يستطيع إن يلقيها فيما بعد بعدما أخذها وبالتالي لا نحبذ مثل هذا الزواج لأنه سيقوض البناء الاجتماعي على المدى الطويل ويتعارض مع أسس بنائه .

No comments:

Post a Comment