هل كان ساركوزي عميلا لاسرائيل

هل كان فعلا الرئيس الفرنسي عميلا مطيعا للموساد
يبدو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي عرف عنه انحيازه السافر لإسرائيل ضد قضايا العرب والمسلمين لن يفوز على الأرجح بفترة رئاسية ثانية ، فالفضائح سواء كانت أخلاقية أو سياسية تلاحقه أينما حل لدرجة أن شعبيته باتت في أدنى مستوياتها بل ومني أيضا بضربة قاصمة في الانتخابات الإقليمية .

ففي منتصف مارس / آذار ، كشفت وزارة الداخلية الفرنسية في بيان لها أن حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية " اليميني الذي يتزعمه الرئيس نيكولا ساركوزي يترنح بصورة كبيرة على الساحة الفرنسية بعد الصفعة التي وجهها إليه الناخبون الفرنسيون في الدورة الأولى من الانتخابات الإقليمية التي أجريت في 14 مارس / آذار وأظهرت تقدم الحزب الاشتراكي المعارض الذي حصل على 29 في المائة من أصوات الناخبين ، بينما تراجع حزب ساركوزي خلفه حيث حصل على أقل من 20 بالمائة.

ولم يقف الأمر عند ما سبق ، حيث حصلت أحزاب اليسار الثلاثة وهي الاشتراكي والبيئة الأوروبي وجبهة اليسار على 53 في المائة من الأصوات ، فيما حصل حزب الجبهة الوطنية المتطرف بزعامة جان ماري لوبان على 11.5 في المائة من الأصوات ، وهو الأمر الذي رجح بقوة حصول الحزب الاشتراكي بصفة خاصة واليسار بصفة عامة على الأغلبية في 20 منطقة من مناطق فرنسا الاثنتين والعشرين في الجولة الثانية من الانتخابات في 21 مارس.

ورغم أن البعض قد يقلل من أهمية نتائج الانتخابات الإقليمية التي يتم خلالها اختيار قيادات محلية في مناطق فرنسا الـ 22 بالإضافة إلى قيادات 4 مناطق أخرى وراء البحار وأعضاء المجالس المحلية ، إلا أن الحقيقة عكس ذلك ، فالانتخابات الإقليمية ترسم بشكل كبير سيناريو الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة .

وبالنظر إلى أن ساركوزي كان فاز في الانتخابات الرئاسية في العام 2007 بعد منافسة مع مرشحة الحزب الاشتراكي آنذاك سيجولين رويال ، حيث حصل حينها على 53 في المائة من الأصوات ، مقابل 47 في المائة لرويال ، فإن التوقعات تسير باتجاه عودة الحزب الاشتراكي بقوة للساحة السياسية في فرنسا خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة ، كما أن فرص ساركوزي في الفوز بفترة رئاسية جديدة في انتخابات 2012 تتراجع يوما بعد يوم ، ولعل هذا ما عكسته بوضوح الصحف الفرنسية التي علقت على نتائج الدورة الأولى للانتخابات الإقليمية بعناوين : "فضيحة" و"تحذير" و"صفعة" و"شجب" و"هزيمة" لساركوزي .

كما أظهرت نتائج استطلاع جديد أجرته مؤسسة " تي إن أس - سوفريس " الفرنسية أن شعبية ساركوزي تتراجع دون توقف ، حيث أعرب 20 بالمائة فقط من ناخبيه عن ثقتهم في قدرته على التعامل مع أشد مشاكل البلاد خطورة ، هذا فيما أعرب أكثر من الثلثين عن اعتقادهم بأن الأمور في ظل حكم ساركوزي لا تتحسن بل تزداد تدهورا ، وذلك فيما اعتبر أدنى تراجع في شعبيته منذ توليه السلطة في أيار/ مايو عام 2007 .

النسخ واللصق

ويبدو أن ما سبق غير بعيد عن سلسلة الفضائح التي تورط فيها ساركوزي وكان آخرها " النسخ واللصق " ، ففي 3 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي ، كشفت مواقع فرنسية على شبكة الإنترنت عن فضيحة جديدة تطارد ساركوزي ، موضحة أنه اعتمد طريقة "النسخ واللصق" في مقاطع طويلة من خطابات ألقاها مرات عديدة ، الأمر الذي جلب له اتهامات بالسخرية من الفرنسيين بسبب خطابات مكررة .

وتابعت تلك المواقع قائلة :" إنها فضيحة غريبة بطلها كالعادة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، لقد قام بإعادة ترديد مقاطع مطولة من خطابات وجهها للفرنسيين لأكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة".

وأضافت "الفضيحة بدأت عندما كشفت قناة (كنال بلوس) الفرنسية عن أن ساركوزي أعاد إلقاء خطاب وجهه حول واقع الزراعة في فرنسا مرتين قبل أن تنشر مواقع الكترونية على شبكة الإنترنت ثلاثة فيديوهات تضمنت تسجيلات لخطابات ساركوزي جرت في أوقات متفرقة وتضمنت نفس الكلمات والعبارات ، ما يؤكد أن كاتب خطاباته يعتمد على طريقة النسخ واللصق في صياغة الخطابات الرئاسية" .

امتيازات الصفوة


ساركوزي وزوجته كارلا بروني

الفضيحة السابقة لم تكن الأولى من نوعها حيث ظهرت في أعقاب موجة من الاستياء الشعبي الواسع حتى بين أنصار ساركوزي بسبب تحركات فاحت منها رائحة منح امتيازات خاصة للصفوة في فرنسا والتي كان بينها خطة لجعل ابنه الذي لم يتخرج من الجامعة رئيسا لوكالة عامة بارزة.

وكان ساركوزي سعى في أكتوبر / تشرين الأول الماضي إلى تعيين نجله جان البالغ من العمر 23 عاما كرئيس لوكالة "ايباد" الحكومية المسئولة عن تطوير منطقة الأعمال الرئيسية في باريس ، إلا أن حملة الإدانة الواسعة لهذا الأمر أجبرته على التراجع عن هذا التعيين .

‏ورغم التراجع ، إلا أن تداعيات تلك الفضيحة زادت من النقمة الشعبية على ساركوزي ، خاصة وأنها ظهرت في وقت كان يعاني فيه الفرنسيون بشدة من انعكاسات الأزمة المالية وتراجع القدرة الشرائية وارتفاع ‏البطالة ، الأمر الذي بعث برسالة استفزازية واضحة مفادها أنه بينما يتواصل إحساس الأسر الفرنسية بارتفاع الأسعار ، يهرع ساركوزي لتلميع ابنه ونسيان ما قاله أثناء حملته الرئاسية وهو أن تولي رئاسة الجمهورية يعني أن ينسى المرء نفسه وأن ينحي جانبا سعادته وأحاسيسه ومصالحه الشخصية حتى لا ينشغل عن سعادة الفرنسيين بسواها.

هذا بالإضافة إلى أن فضيحة تلميع ابنه أعادت للأذهان حياة الترف التي يعيشها ساركوزي ومغامراته العاطفية مع عارضة الأزياء السابقة والمغنية كارلا بروني والتي تزوجها فيما بعد .

ففي 2008 ، ثارت عاصفة من الانتقادات لاستمتاع ساركوزي بحياته الخاصة ولا سيما علاقته بالمغنية كارلا بروني وأسلوب حياته المترف ، بينما الفرنسيون العاديون يعانون في حياتهم اليومية.

ساركوزي حينها سارع للزواج من بروني وأبعد حياتهما الخاصة عن الأضواء وأغلفة المجلات اللامعة ، إلا أن الضرر كان وقع بالفعل باريس وباتت شعبية الرئيس الفرنسي في أسفل السلم ، بل وقارن البعض بين رئاسته وحكم سلفه الرئيس السابق جاك شيراك الذي مازال يتمتع بشعبية واسعة بين الفرنسيين رغم توجيه اتهامات له بالفساد حينما كان يشغل منصب عمدة باريس .

فشيراك في نظر الفرنسيين هو الإنسان الخلوق المهذب المبتسم دائماً الذي استطاع ‏تحصين منصب الرئاسة ضد الفضائح السياسية والأخلاقية ، بينما جاء ساركوزي عكسه تماما بل ووصفته صحيفة "ليبيراسيون" في مقال بعنوان "ساركوزي زعيم العالم" بالمغرور والمتكبر لكثرة ‏حديثه عن نفسه.

الأمور السابقة ترجح بقوة أن فرص ساركوزي باتت ضعيفة للفوز بفترة رئاسية ثانية ، خاصة وأن نقابات العمال التي كان يعتمد عليها في السابق للتصدي لعدد من الاضطرابات في قطاع النقل تراجعت عن تأييده وهو أمر لن تفوته المعارضة الاشتراكية للفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة وفي حال تحقق هذا الأمر فإن إسرائيل ستكون أكثر المتضررين .

عداء للعرب والمسلمين


الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك

فمعروف أن مواقف وتصريحات ساركوزي أنهت "الحقبة الذهبية" للتعاطف الفرنسى مع العرب والمسلمين منذ عهد شارل ديجول وفقد العرب والمسلمون بذلك صديقا أوروبيا طالما ساندهم فى مواقف كثيرة .

وكان ساركوزى أظهر بالفعل عداء واضحا تجاه قضايا العرب والمسلمين خلال حملته للانتخابات الرئاسية ، حيث صرح فى حديث نشرته صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في 2 - 9 - 2006 بأن حزب الله حركة "إرهابية" كما وصف محاولة التحاور مع حركة حماس الفلسطينية التى لاتعترف بإسرائيل بالخطأ الجسيم ، مؤكدا في الوقت ذاته أن أمن إسرائيل حق لامساومة عليه وهو مسئولية أساسية لكل الدول الحرة ، وهذا عكس ما كان سائدا في عهد رؤساء الجمهورية الفرنسية الخامسة السابقين ابتداء من مؤسسها شارل ديجول وحتى الرئيس جاك شيراك ، حيث كان هناك دعم للقضية الفلسطينية ولبنان فى مواجهة الجرائم الإسرائيلية.

أيضا فإن ساركوزى الذي عرف عنه جذوره اليهودية ، طالما حاول إثبات ولائه لإسرائيل سواء بالتصريحات التى تتغنى وتمجد فيها على الملأ أو بالوثائق السرية التى تفضح تعاونه مع الموساد.

ففى تصريحات أدلى بها فى 23 أكتوبر 2008 ، أعلن ساركوزى أنه يعتبر تأسيس إسرائيل "معجزة القرن العشرين" ، كما أعلن مساندته لإسرائيل فى مواجهة إيران ، مؤكدا أن أمن إسرائيل "خط أحمر" لا يقبل تجاوزه .

ولم يقتصر الأمر على ما سبق ، بل نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أيضا عن ساركوزى قوله خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت فى باريس إنه يعارض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي اعتبرها "يهودية"، قائلاً : "ليس من المعقول أن يطالب الفلسطينيون بدولة في الضفة وغزة، بينما يطالبون بعودة اللاجئين إلى أراضي جيرانهم اليهود ، لا يمكنهم المطالبة بدولتهم الخاصة بالإضافة لجزء من دولتكم اليهودية".

عميل الموساد


أولمرت وساركوزي

والمثير للانتباه أن التصريحات السابقة جاءت بعد أيام قليلة من المفاجأة التى فجرتها صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية في منتصف أكتوبر 2008 وكشفت فيها أنه حينما أرادت إسرائيل اختراق حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" الحاكم في فرنسا كان ساركوزي من أبرز الأشخاص الذين نجح الموساد في تجنيدهم .

ووفقا للصحيفة ، فإن الشرطة الفرنسية فتحت مؤخرا تحقيقا حول رسالة غريبة تم إرسالها بالبريد الالكتروني فى شهر مارس 2008 لأكثر من 100 مسئول كبير فى الشرطة الفرنسية جاء فيها أن ساركوزى كان عميلا للموساد الإسرائيلى .

وتحتوى الرسالة على معلومات تؤكد تجنيد ساركوزى لصالح الموساد باقتراح من رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق مناحيم بيجين الذى أعطى تعليماته عام 1978 للاستخبارات الخارجية الإسرائيلية " الموساد " لاختراق الحزب الحاكم فى فرنسا لتحويله إلي حليف لإسرائيل ، وألقيت المهمة على عاتق رافى ايتان الذى شغل فيما بعد منصب وزير شئون المتقاعدين فى الحكومة الإسرائيلية .

وأضافت "لوفيجارو" أن ايتان الذي كان يشغل منصبا كبيرا فى المخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان) نجح في تجنيد ثلاثة مواطنين فرنسيين كانوا علي استعداد للتضحية من أجل إسرائيل وهم باتريك بالكاني الذى كان يقود الشبكة الفرنسية التابعة للموساد وباتريك ديفيديان وبيير ليلوتش .

وفى عام 1983 نجح باتريك بالكاني في تجنيد شاب واعد هو نيكولا ساركوزى ، الذى أصبح العضو الرابع في شبكة التجسس الإسرائيلية التابعة للموساد وكانت مهمته - بحسب لوفيجارو - إقامة علاقات مع مسؤلين إيرانيين يقيمون فى فرنسا ، وفى العام 1990 نجح الموساد في تجنيد مسئول خامس من الحزب الفرنسى الحاكم هو مانويل ايزشليمان الذى كان يشغل منصب نائب رئيس بلدية اسنيار وكلف هو الآخر بإقامة علاقات مع المسئولين الإيرانيين فى فرنسا ، حيث تعتبر اسنيار أكثر المدن الفرنسية جذباً للجالية الإيرانية.

وانتهت الصحيفة الفرنسية إلى القول إن الرسالة التى تضمنت تلك المعلومات كانت قد أرسلت من أحد نوادى الإنترنت فى مدينة "فال دواز" ورغم عدم وجود أى دليل يؤكد محتواها ، إلا أن التحقيق فيها مستمر بناء علي طلب النيابة العامة لأن محتواها يدل على الحرفية وليست مرسلة من قبل شخص مختل.

والخلاصة أن خروج ساركوزي من السلطة في الانتخابات المقبلة لن يضر سوى إسرائيل التي تفتخر ليل نهار بأن ابنها المطيع هو سيد قصر الإليزيه .

مقاطع الفيديو
ساركوزي وراء زوجته الى خيمة القذافي

No comments:

Post a Comment