عنف الازواج ضد الزوجات في السعودية
يعيش المجتمع السعودي أشكالاً عديدة للعنف الأسري المتنوع وتتعدد هذه الأشكال بين اللفظي والجسدي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والجنسي والحرمان ، واللافت للنظر أن هناك أشكالاً أخري تبرز بقوة في هذا المجتمع كاستخدام السلاح الناري والآلات الحادة والحرق أو التسجيل والتصوير الفاضح والضرب والبصق والابتزاز .
وقد أظهرت دراسة سعودية أن التصوير الفاضح هو أكثر أشكال العنف الجنسي انتشاراً في السعودية ، ويليه إكراه الزوجة على الجماع ، فيما تبيّن أن دفع القريبات لممارسة أعمال غير أخلاقية مقابل المال وكذلك إكراه الزوجة على الجماع بطرق محرّمة ، هما أقل الأشكال انتشاراً.
وأرجع مركز رؤية للدراسات الاجتماعية النتائج إلى توفر أجهزة التصوير صغيرة الحجم وأجهزة الجوال في أيدي الشباب ، بالإضافة إلى التقدم التقني في إجراء الحيل في التصوير ونقلها عبر شبكة الإنترنت ، موضحين أن هذا الشكل الحديث من أشكال العنف الجنسي يصنّف ضمن الجرائم الإلكترونية.
واعتبر 16% من العينة التي شملتها الدراسة أن إكراه الزوجة على الجماع وهي غير راغبة، هو شكل آخر من أشكال العنف الجنسي .
الرفس والضرب
وفي الدراسة الميدانية التي أجراها مركز " رؤية للدراسات الاجتماعية " رأي 44 % من عينة الدراسة أن " الضرب باليد والرفس ،أكثر أشكال العنف الأسري انتشاراً، يليه الدفع والرمي على الأرض ، بنسبة 37 % ، وشد الشعر بـ34 % ، وبعده الجلد بالعقال، أو سلك، أو سوط أو عصا " ، فيما ذكر 31 % أن " استخدام السلاح الناري، والآلات الحادة منتشر" ، ويأتي بعدهما " الكي والحرق " ، وأخيراً " سكب مادة حارقة على الجسم " .
وتقل أشكال العنف الأخرى مثل " البصق واستخدام جسم صلب " وذكرت الدراسة أن " ثلث عينة البحث، أشاروا إلى أن التوبيخ الشديد منتشر جداً " كما تبين أن الاستهزاء والتحقير "الأكثر انتشاراً " .
وتعكس النتائج أن " تهديد الزوجة بالطلاق بلغت نسبته 35 % ، فيما أشار 23 إلى أنه " مُنتشر" ، وعد سب الأهل كالوالدين والأقارب، أحد أشكال العنف اللفظي " المنتشرة جداً " ، فيما رأى 33 % أن السب أمام الناس لزيادة التحقير والإهانة " مُنتشر جداً " .
وحول العنف الاجتماعي ، كشفت نتائج الدراسة أن 32 % اعتبروا تفضيل الذكور على الإناث، أحد أشكال العنف " المُنتشرة " فيما رأى 32 % أن إعاقة زواج البنات من دون مبرر كاف " منتشر جداً " ، وأشار 29 % إلى أن منع الأبناء من رؤية أمهم المُطلقة " منتشر جداً " ، وأعتبر 29 % أن تعليق الزوجة وعدم تطليقها ، لإذلالها " مُنتشر جداً " .
وعن العنف النفسي وأهم أشكاله في المجتمع السعودي أكد الباحثون أنه يتمثل في " قمع الأبناء والزوجة ، وعدم تركهم يعبرون عن مشكلاتهم بحرية ، إضافة إلى سلطة الزوج في ممارسة العنف النفسي ، وحرمان الزوجة من رؤية الأقارب ، أو زيارتهم ، ولجوئه إلى الهجر، كأحد أشكال العنف النفسي " .
وأوضحت النتائج أن ما نسبته 24 % من عينة البحث يعتقدون أن إرهاق الزوجة بالحمل والولادة فيما صحتها سيئة " مُنتشر جدا " ، واعتبر 33 % أن الاستيلاء على ميراث المرأة من جانب أقاربها الذكور ، " أحد أشكال العنف الاقتصادي المُنتشر جداً " ، فيما رأى 32 % أن الاستيلاء على راتب الزوجة ، أو القريبة من جانب الرجل ، " مُنتشر جداً " وقال 29 % إن عدم الإنفاق على الزوجة " مُنتشر جداً " ، وذكر 27 % أن الاستيلاء على ممتلكات أقارب أيتام قُصر أو مُسنين " مُنتشر جداً " وذكر 27 % أن دفع المرأة إلى الاقتراض من المصارف ، أو الشراء بأقساط لصالح أقاربها الذكور " مُنتشر جداً " ، واعتبر الباحثون أن إهمال الأولاد أو الوالدين في شكل أساسي ، من أشكال العنف الأسري المُنتشرة ، ويُعزى الخبراء ذلك إلى انشغال أفراد الأسرة بمتطلبات الحياة ، وسعيهم الدائم خلف المادة ، لإشباع احتياجات الأسرة ، دون النظر إلى قيم ومبادئ التربية .
أسباب العنف الأسري
ويربط بعض الخبراء بين البطالة وانتشار العنف الأسري بصورة كبيرة ، موضحين أن وجود أب أو ابن عاطل عن العمل ، يكون سبباً في ممارسة العنف ضد أحد أو بعض أفراد الأسرة ، مرجعين ممارسة سلوكيات عنيفة ، داخل المنزل وخارجه ، إلى " معاناة العاطل النفسية والمادية " .
وطالب الخبراء بالتركيز على " طرق الوقاية قبل وقوع العنف " ، ومنها " التوعية الإعلامية، وبخاصة أن الإعلام لم يُسلط الضوء على قضية العنف ، إلا كناقل للخبر، من دون الغوص في أعماق المشكلة للكشف عن أسبابها " ، مقترحين إقامة " حملة إعلامية مُكثفة ، تُسلط الضوء على العنف الأسري ، وإيضاح مفهومه، وأسبابه، ونتائجه على الفرد والمجتمع.
ويشترك في الحملة الجهات الحكومية المعنية، وأئمة المساجد والجوامع في التوعية الإعلامية، نظراً إلى أن الجمهور يستجيب لهم، ويتقبل دور العلماء والشيوخ بدرجة تفوق غيرهم».
وأشار الخبراء إلى دور وزارة التربية والتعليم في التوعية المدرسية ، و " تشجيع الطلاب المُعنفين على اللجوء إلى المرشد الاجتماعي لطلب العون، وما يستلزمه من تفعيل دور الإشراف الاجتماعي المدرسي ، وتنشيط التعاون بين البيت والمدرسة " ، إلا أن " حجم المدارس وأعداد الطلاب المتزايدة، وقلة عدد المشرفين، يحد من دورهم في تقديم العون اللازم إلى الطلاب من ضحايا العنف الأسري " ، مقترحين " عقد دورات تدريبية للزوجين " للحد من هذه الظاهرة .
نظام لمحاربة العنف
ولحماية المرأة والطفل من العنف الأسري كانت وزارة الشؤون الاجتماعية قد أعلنت عن صدور نظام جديد بعد اعتماده من مجلس الوزراء السعودي ، وقد لاقى ذلك أصداء واسعة وترحيباً بالغاً من مختلف الجهات ذات العلاقة بقضية العنف الأسري ، خاصة بعد أن تحول إلى ظاهرة شغلت وسائل الإعلام المختلفة ، والهيئات الحقوقية والأمنية والجمعيات الخيرية وغيرها.
ويذكر الدكتور محمد الحربي مدير الحماية الاجتماعية بوزارة الشئون الاجتماعية أن النظام الجديد يتكون من 400 أو 500 صفحة ومن أبرز المواد التي يتضمنها ، تحديد مفهوم العنف الأسري ، ماذا يعني كل من الإهمال، والاستغلال؟ ، إلزامية الإبلاغ عنه من قبل كل القريبين ومعاقبتهم إذا لم يتم التبليغ ، ضمان سرية المبلغ وتقديم الحماية له.
وترى الدكتورة مها المنيف - رئيسة برنامج الأمان الأسري- التابع لمدينة الملك عبد العزيز للخدمات الطبية بالحرس الوطني، أن النظام الجديد ممتاز إذا استطاع استصدار قوانين محددة لمرتكبي العنف وقوانين لحماية الطفل ، وتمكن الحكومة من أخذ الطفل المعرض للإيذاء من أهله ووضعه في مكان آمن، مع الاهتمام بوضع آلية للتبليغ والتعامل مع الحالات، وهذا من شأنه أن يساهم في صنع مستقبل مشرق لضحايا العنف الأسري .
وتؤكد الدكتورة وفاء طيبة - عضو مجلس الشورى - أن جهل المرأة والرجل بالحقوق والواجبات أساس كثير من المشاكل، فالبعض من النساء تعتقد أن لزوجها الحق في القيام بضربها، وأن ذلك الحق نابع من نصوص الشريعة الإسلامية، وهنا يأتي دور علمائنا ومشايخنا الأفاضل في بيان ذلك الالتباس، وتوعية أفراد المجتمع بالحقوق والواجبات التي نصت عليها الشريعة الإسلامية، والعمل على إنشاء مراكز في الأحياء تابعة للإدارة العامة للحماية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية لإسعاف الحالات، بحيث نشكل من ذلك مركزاً للمعلومات للراغبين في إجراء الدراسات ، على أن يلحق بهذه المراكز وحدات إيوائية مؤقتة للمرأة الواقع عليها الإيذاء.
مقاطع الفيديو
قاضي سعودي يبرر ضرب الزوجات
ضرب الزوجات
No comments:
Post a Comment