مرتبات العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات هي واحدة من اكثر الاسئلة بحثا على الانترنت من جانب المصريين لعل تنبع من اهمية هذا الجهاز ومكزية دوره الرقابي في حياة المصريين الاقتصادية والسياسية ننقل لكم هنا حوار الصحفي بالاهرام عبد مباشر مع جودت الملط وبه كثير من الجوانب التي ستتعرف من خلالها بشكل واضح على الجهاز المركزي للمحاسبات ومنها بالطبع مرتبات العاملين فيه
مادة ( ٢٥
لا يجوز لرئيس الجهاز او نائبيه او وكلائه ان يقوموا بأى عمل آخر
بمرتب مكافأة بأية صورة كانت سواء من خزانه الدولة من اى جهه اخرى.
ولا يسرى ذلك بالنسبة للمساهمة فى المجالات البحثية والعلمية واعمال
التدريب بشرط الحصول على تصريح من رئيس الجهاز ويكون صدور التصريح
لرئيس الجهاز من رئيس الجمهورية. *
ولا يجوز لهم مزاولة مهنة او القيام باى عمل تجارى او صناعى او مالى
او اى اعمل اخر يتعارض ومقتضيات وظائفهم او يمس الاستقلال الواجب.
كما يحظر على اى منهم ان يشترى او يستأجر شيئا من اموال الدولة او ان
يؤجرها او يبيعها شيئا من اموالة او يقايضها عليها او ان يحصل على اية ميزة
خاصة فى التعامل مع القطاع العام او اية جهه تخضع لرقابته ولا يسرى هذا
الحظر على التعامل الذى يتم طبقا لقواعد عامة تسرى على الكافة.
: (
مادة ( ٢٦
لا يجوز لمديرى ادارات مراقبة الحسابات ونوابهم ومراقبى الحسابات بها
ان يجمعوا بين وظائفهم وبين اى عمل آخر كما لا يجوز لهم مباشرة اعمال او
اداء خدمات للغير بأجر او بغير أجر.
كما يحظر تعيينهم فى الجهات محل رقابة الادارات التى عملوا بها الا بعد
في طريقي للقاء الدكتور جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حاولت البحث عن العناصر التي أسهمت في جعله قدوة في هذا العصر الذي سطع فيه نجم الفساد وتربع, وتحدي, واستشري!
الذي لا شك فيه أن بمصر حشدا من الرجال والنساء والشباب القدوة, ولكن الذي لا شك فيه أيضا أن العصر ليس عصرهم...
فعندما تنتشر قاعدة الاعتماد علي أهل الثقة دون أهل الخبرة, وأن يستمر العمل بهديها لما يقرب من نصف قرن فإننا لا يمكن أن نتوقع من أهل الثقة إلا العمل بكل طاقتهم لمطاردة وحصار أهل الخبرة لاقتناعهم بأن وجودهم لن يستمر, أو يستقر إلا إذا تقلص وجود أهل الخبرة!
وفي ظل هذه المطاردة المنطقية, تمكن عدد من أهل الخبرة من الصمود والبقاء, واستطاعت نسبة من هؤلاء صعود سلم القدوة باقتدار وثبات, ودون سعي منهم وراء مثل هذا الهدف.
أمثال هؤلاء الناس ــ فيما أعتقد ــ كان في اعماقهم شوق للعدالة, واقتناع بتحمل المسئولية باقتدار, وثبات ورفض لمغريات الدنيا, وحرص شديد علي طهارة الثوب, وسعي وراء الإنصاف, واحترام عميق للضمير, والمثل الأعلي.
في مكتبه المتواضع بالدور الأول بمبني الجهاز المركزي للمحاسبات المطل علي شارع صلاح سالم بمدينة نصر, كان اللقاء بالصالون الملحق بالمكتب.
ابتسم الرجل في تواضع, وأنا أضع ملاحظتي أمامه.
استرجعت صورة المكاتب الضخمة جدا لعدد من صغار المسئولين, ومنهم ذلك المسئول الذي حول نصف غرف الدور الأرضي إلي استراحات وصالونات وصالة جيمانيزيوم وساونا ــ أي والله: ساونا ملحقة بالمكتب ــ وكان ذلك في ستينيات القرن الماضي! والمسئول الآخر الذي فعل نفس الشيء, ولكن دون جيمانيزيوم أو ساونا, ومع ذلك فعل ما هو أنكي: لقد أمر بتبليط أرصفة كل الشوارع التي تؤدي إلي مكتبه بالرخام!
المهم سألت الدكتور جودت الملط عن سكنه فقال إنه يقيم في شقة مساحتها120 مترا, وهي نفس الشقة التي استأجرها عقب تعيينه بمجلس الدولة في بداية النصف الثاني من القرن الماضي.
وعقب قائلا إنه راض وقانع بها ولا يتطلع إلي ما هو أفضل.
فسألته: وأين تقضي أجازة الصيف؟
فأجاب بأنه لا يملك أي مكان لقضاء مثل هذه الاجازة في اي مكان بمصر, وطوال سنوات مضت كان يستأجر شاليها من نادي مجلس الدولة.
وحمدت الله أن بمصر مسئولا كبيرا لم يتطلع لامتلاك شاليه بمارينا أو بأي مكان بالساحل الشمالي, ولم يسع لشراء فيلا هنا أو هناك علي امتداد شواطيء مصر.
استعدت من الذاكرة صورة ذلك المسئول الذي كان يجلس علي القمة بالقرب من أو بجوار أو خلف الرئيس الأسبق, أي خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي, وعندما حصروا اعداد الشقق التي كانت مخصصة له فتبينوا أنها167 شقة ــ الرقم صحيح167 شقة ــ هذا بخلاف القصر الذي كان يقيم فيه, وعدد من الاستراحات التي كان يتردد عليها.
وصفة النجاح
قلت للرجل: حدثني عن الوصفة السحرية لهذا النجاح, وكيف انتقل الجهاز تحت قيادتك إلي هذا المربع من الحيوية والديناميكية؟ وهل استعنت بأحد من الخارج؟
فسألني هو بدوره: هل تعلم ان الجهاز يرسل تقريرا كل48 ساعة إلي الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب؟
إن الأمر ليس مقصورا علي متابعة الحكومة بل يمتد نشاط الجهاز إلي مجالات متعددة لحماية المال العام ومقاومة الفساد.
ويستطرد قائلا: لم أستعن بأي مسئول من خارج الجهاز... لاندبا, ولا إعارة, ولا نقلا ولا تعيينا, ولقد حرصت علي ذلك كما حرصت علي استمرار جميع المسئولين في مواقعهم بما في ذلك الفريق الذي يعمل بمكتب رئيس الجهاز, وبذلك وضعت الجهاز ككل علي طريق الاستقرار.
وبما أنني اعلم أن هناك شبكات قوية من المصالح والعلاقات والتربيطات, وأن ضعف دخول الموظفين يمكن أن يساعد علي فتح باب للفساد, فقد عملت علي زيادة المرتبات والمكافآت والحوافز والمنح, وساعدني علي ذلك أن ميزانية الجهاز تخصص كمبلغ اجمالي, أي لا توزع علي ابواب وبالتالي فمن حق الرئيس والقيادات المسئولة توزيع هذا المبلغ علي ابواب الانفاق المختلفة, وبما يحقق الأهداف المخططة.
وفعلا تمت زيادة المرتبات وارتفعت مستويات الدخل بالنسبة للجميع ــ موظفين وعاملين ــ وتحرص قيادة الجهاز علي اغتنام المناسبات المختلفة كالاعياد وبدء الدراسة لصرف مبالغ مالية للجميع وفق قواعد معروفة.
ومن قواعد الانصاف أن اوفر للموظفين دخلا مناسبا يساعدهم علي عدم التطلع إلي مصادر أخري لزيادة دخولهم.
وبتلك الخطوة قطعنا مسافة أكبر علي طريق الاستقرار ومقاومة الفساد والإفساد, وعندما التقيت بالموظفين كبارا أو صغارا قلت لهم, إنكم قضاة المال, وعلي عاتقكم مسئولية حماية المال العام ومقاومة الفساد, ولا يمكن أن ينجز ذلك إلا قضاة يعرفون معني المهمة, وحدود المسئولية, ورجال من أصحاب الضمير الحي اليقظ.
وأكدت لهم أنهم مؤهلون لحمل هذه المسئولية, وأننا جميعا شركاء في أداء هذا الواجب من أجل مصر التي تحلم وتعمل من أجل أن نكون أفضل.
ويسترسل: إن مصر كوطن, عاشت وتعيش حالة شديدة من الشوق لرجال لا يتقاعسون, وهم يتصدون للفساد وللانحراف, ولا تنحني هاماتهم إلا لما يمليه عليه ضميرهم ومثلهم العليا, وكنت علي اقتناع بأن الجهاز المركزي للمحاسبات سيؤدي واجبه في هذا المجال.
كما كنت علي يقين من أنني كرئيس لن أنجز أي شيء وحدي, وأنه دون تعاون الجميع لن يتحقق أي نجاح, وقد اوضحت للموظفين والعاملين بالجهاز هذه الحقيقة.
ولا يمكن أن يقتصر الأمر علي الكلام, فالناس تريد أن تري التصرفات والسلوك والقرارات, وأن تتابع تطبيق القواعد, وأن ترصد الاستثناءات والمجاملات.
وإذا كان المسئول يريد من الجميع التعاون فلا أقل من قواعد عمل واضحة, وقرارات تتفق وهذه القواعد, ومنهج يضمن للجميع حقوقهم بعيدا عن كل سبل ووسائل وضغوط المجاملات والاستثناءات.
وتم وضع قواعد عمل واضحة, وأصبح من حق الجميع متابعة وضع هذه القواعد موضع التنفيذ حتي يتمكن كل فرد من تبين أنه يحصل علي حقه كاملا, وأنه لا يوجد من لا يحصل علي حقه, وأيضا لا يوجد من يحصل علي حقوق ليست له.
وكان من الضروري أن يدرك الجميع أنه لا وجود للاستثناءات ولا خضوع لمنطق المجاملات.
ويوما بعد يوم يتأكد الجميع من سيادة هذه الحالة من الموضوعية, ولم يحدث أن وقع رئيس الجهاز علي أي استثناء, أو استجاب لأية ضغوط من أية جهه أو من أي أشخاص.
سيارة قديمة
كلما تعمق هذا الإدراك تضاعفت احجام العطاء والقدرة علي بذل الجهد.
يواصل الرجل حديثه قائلا: كان السفر في مهمات أو للمشاركة أو حضور مؤتمرات مقصورا علي عدد محدود من المسئولين بالجهاز, الآن وفي ضوء القواعد الجديدة يسافر رئيس الجهاز مرة واحدة سنويا, ويتم اختيار المسافرين في مهام أو كأعضاء في الوفود وفق قواعد معروفة, يتساوي فيها الجميع.
وبالتالي لم يعد الأمر مثلما كان من قبل وأتيحت فرص السفر امام من تنطبق عليهم القواعد.
أسأل الرجل عن طراز السيارة التي يركبها فترتسم ابتسامة خفيفة علي وجهه, ويقول اركب سيارة عمرها12 عاما, ولكنها تحقق الغرض, وقد عرض علي امين عام الجهاز شراء سيارة حديثة, فرفضت وطلبت منه تخصيص المبلغ لشراء أوتوبيسات جديدة للإسهام في نقل الموظفين.
تعيينات دون استثناءات
عندما سألته عما إذا كان الجهاز قد فتح الباب أمام اعضاء جدد من خريجي الجامعات, أجاب: لقد أعلن الجهاز عن تعيين موظفين جدد من خريجي كليات التجارة والحقوق ابتداء من عام2000 حتي عام2005 وبشرط الحصول علي تقدير جيد جدا تراكمي, فتقدم نحو700 خريج, وعندما جاءوا من انحاء مصر للبدء في الإجراءات, أمرت بفتح قاعة الدكتور عاطف صدقي, التي تعد أكبر وأفخم قاعة بالجهاز امام الخريجين, ومن معهم من أسرهم وأعطيت تعليمات واضحة بحسن الاستقبال والرعاية.
وكان ذلك خروجا علي ما كان يجري من قبل من بقاء الجميع بالخارج أي في الشارع ووقوفهم في طوابير طويلة امام شبابيك قبول الطلبات.
وبعد قبول الطلبات وفحصها تم إجراء مقابلات مع جميع المتقدمين وتقرر قبول كل المتقدمين الحاصلين علي بكالوريوس تجارة ونصف المتقدمين من الحاصلين علي ليسانس حقوق, لأن حاجة الجهاز لخريجي التجارة أكثر من حاجته لخريجي الحقوق, وكان من بين المتقدمين من لم يتمكن من اجتياز اختبار الكشف الطبي, وبالتالي لم يتم تعيينهم.
وخلال هذه الفترة, توالت الضغوط والاتصالات من شخصيات كثيرة, ولم يرضخ رئيس الجهاز لهذه الضغوط, وأصر علي منع الاستثناءات تماما.
وأدرك جميع المتقدمين هذه الحقيقة, وعاشها كل المسئولين والموظفين بالجهاز.
وبعد صدور قرارات التعيين, سمعت من كثيرين منهم أنهم لم يتوقعوا ابدا أن تسير الأمور كما سارت.
لقد كانوا من خريجي6 دفعات, وبالرغم من تفوقهم العلمي الواضح, ومن تقدمهم للتعيين استجابة لإعلانات وظائف كثيرة إلا أنهم لم يحصدوا سوي الخذلان والإحباط, وكانوا يعرفون فيما بعد أن هذه الوظائف كانت من نصيب أصحاب الوساطات وأبناء المسئولين الكبار.
وعندما حضروا لتقديم طلبات التعيين, تصوروا أن الأمر لن يتغير, ولم يصدقوا إلا بعد صدور قرارات التعيين.
ومن هؤلاء من سبق أن قبل بالعمل في أعمال لا تتناسب والمؤهلات والتقدير الحاصل عليه, ولكن منطق الضرورة والبحث عن الرزق قد فرض عليهم ذلك.
وبعد تعيينهم لم يتم إلحاقهم للعمل في أي من مواقع العمل بالجهاز, بل تقرر تدريبهم تدريبا مكثفا لمدة6 أشهر.
وخلال هذه الفترة, أتيحث لهم فرصة التعرف علي كل مواقع العمل بالجهاز, وبعد التدريب وزيارة مواقع العمل, كتبوا رغباتهم, وتم توزيعهم وفقا لهذه الرغبات, في حدود الأماكن المتاحة.
وطوال فترة التدريب, حرص رئيس الجهاز علي جمعهم بعد يوم العمل مرة كل اسبوعين تقريبا للتوجه معا إلي نادي الجهاز ليتعرف بعضهم علي بعض, وليلتقوا بأعداد من الموظفين الذين سبقوهم في الانضمام للفريق العامل بالجهاز.
ومثل هذا النشاط الاجتماعي كان ضروريا لإخراجهم من حالة الاغتراب التي كانت تعتريهم.
المهم أن هذا العدد خرج من طوابير البطالة والإحباط واليأس لينضم إلي فريق يتعلق بالأمل ويتحلي بالديناميكية ويبرع في حماية المال العام ومقاومة الفساد.
لم أكن في حاجة لأسأل عن التقارير التي تصدر تتويجا لجهد هذا الفريق من الموظفين الذين استيقظوا ذات صباح ليجدوا ماعت إلهة العدالة والإنصاف في العصر الفرعوني قد خرجت من التاريخ ووقفت منتصبة القامة لتروي ظمأهم إلي تكافؤ الفرص والعدل واحقاق الحق والانتصار للمصلحة العامة أيا كانت ضغوط وقوة المصلحة الخاصة.
وواصل الرجل حديثه قائلا: إن الجهاز المركزي للمحاسبات أصبح آلة تعمل بدقة وكفاءة لتحقيق الهدف من وجوده, وهو حماية المال العام, ومقاومة الفساد.
مقاطع الفيديو
مداخلة مع المستشار جودت الملط وجزيرة امون من برنامج ال10 مساءا
high quality replica handbags replica designer bags luxury replica bags
ReplyDelete