ركود في سوق الذهب المصري

ارتفعت أسعار الذهب في مصر بصورة كبيرة متأثرة بالسعر العالمي للمعدن الأصفر الذي تخطى حاجز 1300 دولار للأونصة ، ووصل سعر الجرام في مصر إلى رقم قياسي جديد ليسجل 207 جنيها للعيار 21 و 178 للعيار 18 ، وضاعف الارتفاع الجنوني للذهب من حالة الركود التي كانت تشهدها أسواق الذهب بالفعل في مصر.
ارتفاع أسعار الذهب بهذه الصورة الكبيرة ، أدى إلى امتناع المستهلكين من الشراء، حتى شبكة العروس التي تعد من التقاليد المتوارثة في المجتمع المصري، أصبح من النادر أن يقوم الشباب المقبل على الزواج بتقديمها كهدية للعروس ، بعد أن توفر في الأسواق البديل الصيني الذي يمتاز برخص الثمن كما أنه يحمل اللمعة المشابهة للذهب الأصلي ، فصار التقليد المتبع في الزيجات المصرية أن يكتب الزوج لعروسه قيمة وزن محدد من الذهب في قائمة المفروشات و يقدم لها ذهب قشرة (صيني) حفاظا على هذا التلقيد المتبع في الأفراح المصرية .
وهجر الأزواج الجدد لعادة شراء الذهب كان لسوق ومحلات الذهب بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير فتلك السوق بدأت تعاني ركودا ملحوظا منذ عام 2008 و جاءت الزيادة غير المسبوقة في الأسعار لتضاعف من هذا الركود حتى أن هناك العديد من أصحاب المحلات وورش تصنيع المعدن الأصفر أغلقت وتحولت إلى نشاطات أخرى .
ومن جانبه قال رفيق العباسي رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية لإيلاف أن ارتفاع أسعار الذهب بهذا الشكل الجنوني غير المسبوق بالتأكيد له تأثير كبير على حركة البيع لأنه بالسعر الحالي أصبح ليس في إمكان الطبقة المتوسطة شراء الذهب في المناسبات لتقديمها كهدايا كما كان يحدث في السابق وأضاف أن عزوف المصريين عن شراء الشبكة الذهبية زاد من حالة الركود التي هي قائمة بالفعل منذ عامين تقريبا ، وأوضح أن هذه الحال أجبرت بعض الورش والمحلات لتغير نشاطها كما حدث في العامين السابقين حيث قام عدد كبير من أصحاب الورش والمحلات بتغيير نشاطهم وإغلاق محلاتهم.
ويشير عبد الهادي الشامي – تاجر ذهب – أنه بالفعل هجر المهنة بعد أن أغلقت الورش التي كان يتعامل معها ، وأكد أن حالة الركود التي يشهدها سوق الذهب لم تحدث من قبل منذ أكثر من ثلاثين عاما قضاها في تجارة الذهب ، ويقول محمود ذكي – صاحب محل مجوهرات " لقد أصبح الاتجاه الغالب في سوق الذهب هو بيع المستهلكين للذهب القديم ، ونادرا ما يجدوا التاجر الذي يشتري منهم وذلك لنقص السيولة لدى معظم تجار الذهب في الوقت الحالي ، وأكد ذكي على أن حالة الركود التي يشهدها السوق في الفترة الحالية لم تحدث من قبل وتوقع ذكي أن تزداد الأمور تعقيدا في حالة الارتفاع المتوقع لسعر الذهب عالميا وأن الفترة القادمة ستسوء الأمور بالنسبة للتجار وأصحاب الورش حيث ستتلاحق عليهم الخسائر " . ويقول أحمد المحمدي – محاسب- أن ما يحدث في أسعار الذهب شيء جنوني لم يحدث من قبل وأن أحدا ً لن يفكر في شراء الذهب في الوقت حتى "العرسان الجدد" فقد أصبح التقليد أن يقدم الزوج لعروسه شيء رمزيا ويكتب الباقي كمهر للعروس في قائمتها .
وعلى المستوى العالمي
واصلت أسعار الذهب تسجيل مستويات قياسية جديدة فوق مستوى 1300 دولار للأوقية مستفيدة من القلق الذي يحيط بالأسواق، وسط توقعات بأن تواصل ارتفاعها لتبلغ 1350 دولاراً في نهاية العام الجاري، واستفاد المعدن الأصفر من ضعف الدولار الذي جعل مشتريات الذهب المسعرة بالدولار أكثر جاذبية للمتعاملين بعملات أخرى.وأوضح رئيس اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والأحجار الكريمة كريم العنزي في تصريح لــ " إيلاف" أن التوقعات تشير إلى أن أسعار الذهب ستواصل ارتفاعها لتبلغ في نهاية العام الجاري 1350 دولاراً للأوقية .وأضاف أن أسعار المعدن النفيس ارتفعت ارتفاعات خيالية ما أدى إلى خروج كثير من المستثمرين من السوق نتيجة لهبوط المبيعات، وعدم توفر الكسر ( الذهب المستعمل) لأن العملاء يحتفظون به في الوقت الراهن على أمل ارتفاعها إلى مستويات قياسية جديدة، والذين لديهم رغبة في الشراء توقفوا عن شراء الذهب على أمل تراجع الأسعار وانخفاضها.

وتابع العنزي قوله إن حركة المبيعات في الفترة الأخيرة هبطت بشكل حاد، مشيراً إلى أن حركة البيع والشراء تراجعت في الفترة ما بين العام 2008 و 2010 إلى 50%، وإلى أن الانخفاض سيكون في كمية الذهب المتداولة بتراجعها من 160 طنًا كاستهلاك سنوي عام 2008 إلى نحو 80 طنًا حتى نهاية العام الحالي، مبينا أن القيمة المالية للمبيعات السنوية لم تتأثر كثيرًا سوى بنسبة انخفاض تتراوح ما بين 10%- 15% نتيجة الارتفاعات المتلاحقة لأسعار الذهب في العالم. وفي جولة لــ " إيلاف" على أسواق الذهب في وسط العاصمة السعودية " الرياض" كانت المحلات شبه خالية من العملاء . أوضح عبدالله أحمد البائع في أحد محلات الذهب في مجمع طيبة لـــ" إيلاف" أن السوق تعاني حالة ركود حادة، وعزوفًا من قبل العملاء سواء في حركة البيع والشراء، ولم يعد هناك ما يغري في السوق بعد توقف حركة البيع والشراء.وأشار مجلس الذهب العالمي في تقريره، إلى أن الطلب الاستهلاكي في المملكة هو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط بمعدل 21.1 طن في الربع الأول. ويذكر أن سوق الذهب المحلية تتكون من نحو 6000 متجر لبيع المصوغات بالتجزئة، ونحو 250 ورشة تصنيع من بينها 30 من ذوات التجهيزات الكبيرة، ونحو 700 ورشة إصلاح.

إلى ذلك، قفزت أسعار الذهب إلى مستوى تاريخي جديد خلال التعاملات الأميركية اليوم الثلاثاء بعد إعلان بيانات ثقة المستهلكين الأميركيين التي تراجعت إلى مستوى 48.5 نقطة خلال سبتمبر/أيلول انخفاضاً من 53.5 نقطة في أغسطس/آب لتكون أقل من التوقعات عند 52.1 نقطة.حيث حقق المعدن النفيس مستواه التاريخي الجديد عند 1307 دولارات قبل أن يتراجع قليلاً إلى مستوى 1204.7 دولارات للأوقية، وكانت عقود الذهب قد تراجعت لدى افتتاح تداولات الأسهم الأوروبية لتقترب من مستوى 1280 دولارا بتسجيلها أدنى مستوياتها عند 1282.6 دولارا للأوقية بالتزامن مع ضغط اليورو على الدولار.يُذكر أن قلق الأسواق من هشاشة الانتعاش الاقتصادي المحقق وعدم اليقين في استمراره يدفع المستثمرين إلى اللجوء للملاذات الآمنة وعلى رأسها الذهب.

No comments:

Post a Comment