كيف اصبح المصريون يطلبون العلاج في ارض البدو

هذه قصة مهداة إلى برلمان مصر، فبين يدى الآن أوراق طبية لطفل مصرى لم يتجاوز العاشرة من العمر دهمه مرض مفترس نهش من عظامه اللينة وخلاياه التى تنطق بالفقر وقلة الحيلة، ولا أمل فى شفائه إلا بجراحة عاجلة فى الخلايا النخاعية تصل تكاليفها إلى ما يزيد على ربع مليون جنيه.

إلى هنا لم تبدأ كل المأساة بعد، فتكلفة الجراحة ليست التحدى الوحيد لوالده الملتاع الذى يتمنى لو أنفق ما فى الأرض جميعا ليستعيد ابنه الوحيد، لكن الأب الذى لا يملك سوى ما يقتات به خبزا وملحا اكتشف أن هذا النوع من الجراحات التى يحتاجها ابنه المصاب لا مكان لها فى مستشفيات مصر، وأن أمله الوحيد هو فى أحد المستشفيات السعودية، أما هذا البلد المسكين مصر فصار هو الأفقر فى مستوى العمليات الجراحية وفى التجهيزات الطبية التى يمكن أن تساهم فى إنقاذ طفل مريض.

الحلم الوحيد الذى تمنى والد الطفل أن يتحقق هو أن يلتقى السفير السعودى فى القاهرة ليضمن له مكانا فى المستشفى وتكلفة الجراحة.

كل حلم مواطن مصرى بعد الثورة أن تمد له السعودية يد العون فيهرب من قسوة قلوب القادرين من أبناء بلده الذين اختفوا فجأة من مسرح العمل الخيرى فى البلاد، ويهرب أيضا من المستوى الهزيل الذى انحدر إليه واقعنا الطبى فصار طوق النجاة فى المستشفيات السعودية.

أهدى هذه القصة إلى نواب البرلمان ليعلموا أن كل عمل سياسى لا يحقق مصالح الناس هو لهو حرام، وكل قانون أو تشريع يستهدف مصالح الحزب وتحقيق الطموح السلطوى لأى تيار سياسى دون أن يضمن مكانا فى مستشفى وفرصة للعلاج لن يكون سوى خطيئة فى حق الله وفى حق الناس.

صرنا نتسول الحياة فى بلادنا وفى الغربة.
انظر ماذا فعلت بنا المصالح السياسية.

خالد صلاح - نقلا عن اليوم السابع

مقاطع الفيديو

No comments:

Post a Comment