اختراق ايميل الرئيس السوري بشار الاسد

تمكن هكر سعودي اسمه سلمان العنزي من اختراق إيميل الرئيس السوري بشار الأسد، و قد اخترق وزارات سوريا المهمة وهدد بشار الأسد بتنزيل فضائحه وفضائح معاونيه ودعم إيران له، وصور من بريد بشار السري
أثار بثّ صحيفة "الغارديان" البريطانية ووسائل إعلام أخرى لفحوى رسائل إلكترونية خاصة بالرئيس السوريّ الكثير من اللغط في أوساط السوريين والمتابعين، وفي الوقت الذي تقبّل فيه المعارضون السوريون مضمون تلك الرسائل، بـ"إشمئزاز"، صُدم المتابعون عبر العالم بانفصال الرئيس السوريّ وزوجته عن واقع بلادهما الدامي وسقوط آلاف القتلى المطالبين بالديمقراطية.

فالرسائل الإلكترونية التي تم تتبعها وتسريبها على الارجح من قبل معارضي بشار الأسد، تشير إلى انفصال تام لحكام دمشق عن الأزمة التي تمرّ بها سوريا منذ نحو عام، ويبدو انها تسير بالبلاد إلى حافة الحرب الأهلية والانهيار الاقتصادي.

وتشير الرسائل التي بعث بها وتلقاها الرئيس السوري وزوجته أـسماء بين نهاية آذار/مارس 2011 وشباط/فبراير 2012، إلى أن الأسد تلقى نصائح من إيران حول سبل قمع الثورة التي تستهدف الإطاحة بنظام حكمه، علاوة على بذخ غير مسبوق، يتعلق بالتسوّق وشراء التحف الأثرية والمجوهرات النفيسة والأثاث، وفق مراسلات إلكترونية من متاجر بباريس ولندن.

واظهرت رسائل نمط حياة الترف التي يعيشها الرئيس السوري وزوجته، كما كشفت رسالة اخرى الذوق الموسيقي لدى بشار الاسد الذي يسجل من خلال "آي تيونز" اغاني غربية، في وقت كانت تتعرّض فيه مدينة حمص لقصف عنيف أدى إلى مقتل المئات.


أسماء الأسد


العربية.نت

في الحلقة الخامسة من الرسائل الرئاسية المسربة، تشير السيدة الأولى أسماء الأسد إلى أن أنصار النظام يستخدمون السلاح الأبيض في ذبح المتظاهرين، فيما تقترح المستشارة الرئاسية لونا الشبل طريقة مهيبة لاستقبال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد استخدام بلاده حق النقض الفيتو في مجلس الأمن.

فمما يلفت الانتباه في استعراض الرسائل الرئاسية الشخصية المسربة -والتي تبثها "العربية الحدث" الليلة الساعة الثانية عشرة والنصف بتوقيت السعودية، السابعة والنصف بتوقيت غرينتش- وجود مسارات تمر بها الأوامر والقرارات في سوريا بشكل يتجاوز تراتبية الانظمة والمؤسسة الحاكمة في سوريا.

لقد أحاط الرئيس السوري نفسه بحلقة من الأشخاص في الظل، يؤدون مهاما مختلفة ويقدمون النصح والمقترحات إلى الرئيس، تتحول لاحقا إلى قرارات وأوامر رئاسية، على أن مسار القرار هذه، على الأقل وفق ما سُرب من رسائل، تمر عبر بشار الأسد وتسير الأوامر في خط مواز للحكومة وللأمن بعيدا عن تراتبية مؤسسات الدولة.
هديل تنقل امتعاض عمار الساعاتي

تقول السيدة هديل إنها تحدثت مع شخص اسمه الدكتور عمار، تبين لاحقا أنه عمار ساعاتي رئيس اتحاد طلبة جامعات سوريا، أبدى استياءه من طريقة معالجة بعض الأحداث داخل الجامعة من قبل من أطلقت عليه اسم "خالد"، وهي تقصد على ما يبدو "خالد الأحمد" الذي سبق أن أشرنا بأنه يوافي الرئيس الأسد بمجريات الحالة الأمنية في البلاد.
هديل تقترح تعديلات في إدارة بعض المحافظات

فيما يخص الشؤون الحزبية فإن الرئيس على ما يبدو أوكل لهديل مهمة تقديم تصور حول تعديلات في إدارة بعض المحافظات السورية، فهي في أكثر من رسالة ترسل أسماءً بعينها تقول إنه يجب إزاحتها وإحلال أسماء معينة أخرى مكانها، كما هو واضح في رسالة وصلتها من شخص اسمه "حسام" وتتعلق بضرورة استبدال المحامي العام السابق في طرطوس بآخر، وتقترح المحامي كمال جينات بدلا منه، لتقوم هي بإرسالها إلى الرئيس الأسد.
ماذا فعل الرئيس بعد أن وصلته الرسالة؟

الرئيس حذف اسم الشخص المرسل.. وحولها بنفس صيغتها إلى وزير شؤون الرئاسة منصور عزام، ليظهر الأمر كأنه قرار واجب تنفيذه.

مثل هذه الرسائل كانت تصل من هديل إلى الرئيس الأسد بشكل متكرر، وفي تاريخ السادس والعشرين من نوفمبر أرسلت هديل رسالة تتعلق باقتراح أسماء لتعيينهم في مناصب مختلفة بمحافظة اللاذقية بعد أن طلب منها الرئيس الأسد ذلك كما تذكر في رسالتها.
حسين يقترح احتلال الساحات

وكما كنا نشير سابقا بأن هديل كانت أيضا تمثل حلقة وصل بين الرئيس الأسد وعديد من الأشخاص، ومنهم الإعلامي "حسين"، الذي يعمل في مؤسسات إعلامية إيرانية في سوريا وينقل تقديرات إيرانية ومن حزب الله إلى الرئاسة السورية عبر هديل، هذه الرسالة وردت يوم السادس والعشرين من ديسمبر الماضي، قال حسين إن على النظام في سوريا أن يحتل الساحات العامة كالعباسيين والأمويين وغيرها أثناء وجود المراقبين العرب من الساعة الثالثة مساء وحتى التاسعة، حتى لا يتسنى للمعارضين النزول إلى هذه الساحات، وهو ما تم تنفيذه بالفعل من قبل النظام السوري أثناء تواجد المراقبين هناك.
شهرزاد ترسل قراراً جاهزاً للتوقيع

ابنة سفير سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري، وكما نلاحظ في رسالة أخرى في السابع من ديسمبر الماضي، حولت الرسالة بعد أن وصلتها من شخص يدعى حازم، ويظهر في مرفقات الرسالة قرار جاهز للتوقيع من قبل الرئيس السوري بشأن تعديل قانون في السلطة القضائية يتعلق بالأسباب الموجبة لإحالة القضاة إلى التقاعد. هذا المرسِل طلب من شهرزاد إطلاع الرئيس السوري على المضمون والعمل على اتخاذ إجراءات سريعة قبل بداية الشهر المقبل كما يقول في رسالته.
وتطلب صلاحيات لتفرض قراراتها في القصر

في رسالة أخرى تحاول شهرزاد الجعفري تعزيز صلاحياتها بأمر من الرئيس، هنا تعــرّف على نفسها بمسؤولة العلاقات العامة والاتصالات الدولية لدى الرئاسة السورية وتطلب الرئيس منحها الصلاحيات التي تمكنها من فرض قراراتها في القصر.

شهرزاد أرادت أن تكون لديها أحقية تقرير الصواب والخطأ فيما يتعلق بالتعامل مع الوفود الزائرة والنشاطات المتعلقة بالعلاقات العامة، وهنا كانت شهرزاد تشتكي من ثلاثة أشخاص بالتحديد في القصر الرئاسي:
الأول: محي الدين الذي يعمل في القصر الرئاسي.
الثانية: المسؤولة الإعلامية لونا الشبل.
وقالت شهرزاد، إنها استخدمت كل مهاراتها في مجال العلاقات العامة لتتمكن من استيعاب الفظاظة التي تتصرف بها لونا الشبل- إلا أن شهرزاد تشكو قائلة إنها فشلت، وأوضحت شهرزاد أن لونا الشبل تعيق أداء مهامها.

الثالثة: كما اشتكت شهرزاد من الدكتورة بثينة شعبان المستشارة السياسية للرئيس.
أسماء الأسد تقترح إغلاق الملاهي الليلية

أسماء الأسد

زوجة الرئيس السوري أسماء الأسد تتدخل في طلبات للعفو أو الإفراج عن معتقلين أو طلب صرف معونات لعائلات بعض قتلى الجيش، أو التحذير من تفجر الأحداث في مناطق متفرقة.

ففي واحدة من الرسائل تذكر السيدة الأولى حكاية تشير إلى أن انصار النظام لديهم أسلحة في جرمانا ولكن لا يستخدمونها لغاية الآن، وانما يستخدمون في الوقت الحاضر الذبح والأسلحة البيضاء وتنقل تلك الحكاية عن شخص اسمه عبد الهادي. أسماء الأسد تدلي برأيها في نهاية الرسالة بتأكيدها أن هناك تذمرا شديدا في جرمانا من قبل الأهالي وأنه يجب إغلاق الملاهي الليلية في تلك المنطقة.

أما فيما يتعلق بالتوسط لدى الرئيس فإن السيدة الأولى أرسلت غير مرة طلبات حول هذا الأمر، منها رسالة تطلب فيها مساعدة لحالة إنسانية صحية يمر بها منصور أتاسي الموقوف في المخابرات الجوية في حمص ولم يتم تحويله للقضاء بعد.
وفيق سعيد يستقيل بسبب العنف السوري

في رسالة أخرى تبعث السيدة الأولى إلى عائلتها وتستفسر عن موقع الكتروني تابع لمركز التواصل والابحاث الاستراتيجية يختص بالشأن السوري، والأب يرسل أنه غير متأكد من شخصية القائمين على المؤسسة، لكنه تلقى معلومات تفيد بأن أسامة المنجد يقف وراء المركز وأنه مؤسس سابق لمحطة تلفزيونية، والد السيدة الأولى فواز الأخرس كان له دور في إدارة الأمور كما يبدو من الرسائل، في رسالة أخرى يحول الاخرس رسالة الى ابنته تلقاها من وفيق سعيد وهو احد مدراء الجمعية السورية البريطانية التي يبدو أن فواز الأخرس هو أحد مؤسسيها، وفيق سعيد يقول في الرسالة إنه لا يمكن الدفاع عن أعمال القتل، ويضيف وفيق سعيد في الرسالة التي نسبت اليه، أن الجمعية السورية البريطانية لا يمكنها أن تؤدي مهامها في ظل الأجواء الحالية وأنها ستدخل في حال سبات طويل، وينهي وفيق سعيد الرسالة بأسطر تبدو أقرب إلى الاستقالة التي لا يريد أن يقدم عليها حتى لا يضع صديقه فواز في موقف ضعيف ومحرج بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية، إلا أن استقالة وفيق سعيد حدثت فعلا لاحقا.

وقد أرسل وفيق رسالة إلى شخص اسمه فراس وإلى فواز الأخرس أيضا.

فواز حولها الى ابنته ويقول وفيق سعيد في الرسالة التي عنونها بـ"سري للغاية" إن مؤسسة التراث السوري والتي يبدو أن وفيق سعيد هو رئيس مجلس ادارتها لا يمكنها أن تتابع مهامها في ظل الأزمة الحاصلة في سوريا وأن شخصا اسمه اللورد بويل لديه ذات القلق حول عمل المؤسسة، وانه يتوجب اختتام أعمال هذه المؤسسة طالما أنها لا تحقق أيا من اهدافها.

بعد نحو أربعة أشهر من الرسالتين السابقتين وفي التاسع عشر من سبتمبر ارسل وفيق سعيد استقالته من الجمعية السورية البريطانية، نص الاستقالة لم يكن ضمن الرسائل المسربة، إنما ما تم نشره هو رسالة الرد على الاستقالة التي كتبها فراس الأخرس شقيق السيدة الأولى والذي ارسله إلى كل من شقيقته أسماء الاسد والى والده فواز بتاريخ الثالث عشر من اكتوبر أي بعد أكثر من عشرين يوما على الاستقالة ـ وتقول رسالة الرد على الاستقالة إن اعضاء الجمعية تلقوا نبأ الاستقالة ببالغ الاسف، ومن ثم يتراوح رد فراس الأخرس ما بين العتاب تلميحا، وما بين الإقرار بالدور المحوري لوفيق، و يقول:
لطالما عملنا بجد معا كمؤسسين، لصياغة اهداف الجمعية التي تسعى الى التقريب بين بريطانيا وسوريا، وهذا هدف لا علاقة له بالنظام الحاكم او نوع الحكومة في سوريا.

قلنا في وقت سابق إن فواز الأخرس أرسل يتحدث عن الحاجة إلى خبراء دستوريين في سوريا وأن وضع مقترحات بهذا الخصوص، كذلك ابنه فراس زكى أيضا شخصا ليكون ضمن الخبراء الدستوريين وأرسل معلوماته إلى شقيقته السيدة الأولى حتى تتم الاستعانة به على ما يبدو في التعديل الدستوري.
وزير الاقتصاد يتجاهل رئيس حكومته ويرسل إلى رئيس دولته

وزير الاقتصاد نضال الشعار

رسالة أخرى تلقي الضوء على الطريقة التي يتم فيها اتخاذ القرار داخل الحكومة واللجان التي تنبثق عنها، نضال الشعار وزير الاقتصاد، في هذه الرسالة تجاوز مرجعه الأصلي وهو رئيس الحكومة وخاطب رئيس البلاد مباشرة عن طريق رسالة إلى وزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، بخصوص طلبه إضافة بعض الشخصيات إلى اللجنة الاقتصادية المصغرة في رئاسة مجلس الوزراء.
رئيس الوزراء يلوح للإيرانيين بعقد الخليوي

رسالة أخرى مشابهة للحالة السابقة من حيث تجاوز الوزير لمرجعه الأصلي الذي هو رئيس الوزراء في هذه الحالة

ومخاطبة الرئيس أو مكتبه مباشرة، الرسالة وردت يوم الرابع من ديسمبر من وزير شؤون رئاسة الجمهورية، الذي أعاد إرسالها بعد أن وصلته من وزير الاتصالات عماد الصابوني، وفيها يقول الصابوني إنه التقى بوفد من شركة الاتصالات الإيرانية بحضور السفير الإيراني .
الوفد الايراني كرر إبداء الاهتمام برخصة المشغل الثالث لخدمة الجوال في سوريا، وأكمل الصابوني في رسالته أنهم أعلموا الوفد عزمهم على إعادة الإعلان عن المشغل الثالث بشروط تسمح للجانب الإيراني بالاشتراك في المسابقة، وأن السفير الإيراني كرر الرغبة بالحصول على الرخصة عن طريق التفاوض المباشر.
لونا الشبل تقترح أوقات المظاهرات المؤيدة

لونا الشبل

أما فيما يتعلق بتنظيم التظاهرات المؤيدة لنظام الأسد، فعلى ما يبدو أن الرئيس مطّلع على كل تفاصيلها، وبالعودة إلى الإيميلات نجد أن المسؤولة عن الملف الإعلامي لونا الشبل، في السادس من فبراير الماضي وهو اليوم الذي سبق زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دمشق، أرسلت رأيا فيما يخص استقبال الوزير الروسي، تقول فيه إنه إن نُظمت المظاهرات المؤيدة في مكانين منفصلين فإنهما ستبدوان هزيلين في المكانين، وتنصح بأن تخرج المظاهرات في الطريق التي سيمر بها لافروف "كما يظهر" وإلغاء مظاهرات الساحة، إذ أن الحشود- وبحسب رأيها- ضرورية لتعبر عن استقبال كبير، وهو ما تم بالفعل.

فيما كان العالم يقف مذهولا إزاء اشد الفصول دموية في حملة النظام السوري لقمع المعارضة في حمص ، كان الرئيس بشار الأسد في دمشق يكتب رسالة الكترونية خاصة الى زوجته ، كما كشفت مراسلات الكترونية من الأسد وزوجته حصلت عليها صحيفة الغارديان.

كان ذلك في 5 شباط/فبراير 2012 ، وفي اليوم السابق عليه دكت مدفعية الأسد المدينة الثائرة بعنف لم تعرفه من قبل واسفر القصف عن مقتل مئات المدنيين وتفجير مستشفى ميداني مؤقت ، بحسب ناشطين في المعارضة. وفي العاصمة تحدثت تقارير عن مقتل نحو 12 مشيعا شاركوا في جنازة بنيران قوات النظام. وكان مجلس الأمن الدولي يبحث سبل التحرك ضد الدكتاتورية.

ولكن مراسلات الأسد الالكترونية مستخدما فيها اسم "سام" كانت لا تمت بصلة الى حمام الدم في بلده أو المخاطر التي تهدد حكمه. وفي رسالة غريبة من الرئيس السوري بعث الى زوجته كلمات اغنية من اغاني الريف الاميركي ورعاة البقر للفنان الاميركي بليك شيلتون ، مع تفريغ الملف الصوتي من آيتيونز.

ويبدو ان الرسالة المفعمة بكلمات الشفقة على الذات تجسد حياة الانكار المنغلقة التي يعيشها الأسد وأسرته والحلقة الضيقة لنظامه فيما تشتعل سوريا من حولهم. إذ تقول كلمات الأغنية "أنا صداع متنقل / خربتُ حياتي / الشخص الذي أناه مؤخرا ليس مَنْ أُريد ان أكون.

وكانت الرسالة واحدة من رسائل كثيرة يقول ناشطون سوريون انها مستلة من البريد الالكتروني للرئيس السوري وزوجته اسماء ، وانها تكشف حياة البذخ التي يعيشها اركان نظامه والمجتمع المخملي لبطانته بمعزل عن المجزرة التي تُرتكب من حولهم.

ويبدو ان المراسلات الالكترونية تبين انفاق عشرات آلاف الدولارات في نوبات من التسوق على الانترنت لشراء اثاث صناعة يد من محلات تشيلسي الفاخرة في بريطانيا. وأُنفقت عشرات آلاف الدولارات الأخرى على شراء مصوغات من الذهب ومجوهرات مرصعة بالأحجار الكريمة والثريات والستائر باهظة الثمن واللوحات لشحنها الى الشرق الأوسط. وفي وقت تهتز سوريا من جنوبها الى شمالها بحملة البطش التي يواصلها الأسد ضد المعارضة فان همَّ حلقته الداخلية الضيقة هو سبل الحصول على نسخة من رواية "هاري بوتر والتجاويف المميتة" ، الجزء الثاني ، أو مجموعة جديدة من شوكولاته فوندو الجبن.

ومن المؤكد ان تثير تفاصيل هذه الحياة المترفة سخط مزيد من السوريين الذين يعانون أزمات مختلفة في المواد والخدمات الاساسية وغيرها من المصاعب. وكان الغضب على ثروة الحكام وأسرهم وبذخهم سمة ثابتة في ثورات الربيع العربي التي اسقطت حكام تونس ومصر وليبيا.

وتكشف احدى الرسائل ان اسماء الأسد طلبت من قريبتها أمل في 19 تموز/يوليو أن توصي على مجوهرات يصنعها معمل صغير في باريس. وطلبت اسماء اربع قلائد واحدة تركواز بماسات ذهبية صفراء وقلادة أخرى من حجر الكورنالين وثالثة من العقيق اليمني والعقد الرابع من احجار الجمشت الطبيعي بماسات ذهبية بيضاء وتصميم مماثل. وأجابت أمل انها ستقدم الطلب في منتصف آب/اغسطس لتسلم القلائد بحلول منتصف ايلول/سبتمبر. وفي 23 تموز/يوليو 2011 قالت اسماء ان لا ضير في التأخير واعترفت لقريبتها بأنها "أمية تماما حين يتعلق الأمر بالمجوهرات الفاخرة". وأنهت رسالتها الالكترونية بالأحرف aaa "وقبلات لكما الأثنين ، ولا تقلقوا فنحن بخير".
ومن المصنوعات التي أُعجبت بها سيدة سوريا الأولى زهرية ثمنها 2650 جنيها استرلينيا. وفي 17 حزيران/يونيو ارسلت التفاصيل الى وكيل أعمال العائلة في لندن سليمان معروف واضافت متسائلة ان كانت الزهرية متوفرة في مخازن هارودز لشرائها مشيرة الى وجود تخفيضات في هارودز وقتذاك. وأجاب معروف بالنبأ السار قائلا انه ابتاع الزهرية بخصم 15 في المئة وسيكون التسليم في غضون 10 اسابيع. وأكد موعد وصول مصباح "ارماني" في ذلك اليوم طالبا اعلامه إن كانت سيدة سوريا الأولى تحتاج الى اشياء أخرى.

وتشير الرسائل الى امرأة منهمكة في التسوق ، ولكنها لا تفوت صفقة مربحة إذا كان هناك تخفيض. وحرصت أسماء على استعادة ضريبة القيمة المضافة بعد شراء مصنوعات فاخرة شُحنت الى دمشق ، وشكت لفقدان ارسالية من مصابيح المائدة في الصين. كما تتعلق احدى الرسائل الالكترونية بمصير طاولة أوصت عليها فوصلت بلوحين متماثلين بدلا من لوح لجهة اليمين وآخر لجهة اليسار. وهناك اكثر من 50 رسالة الكترونية الى بريطانيا ومنها ، تتعلق كلها بالتسوق.

واثارت بعض مشتريات اسماء تعليقات مهذبة من صديقاتها. ففي 3 شباط/فبراير 2012 كانت اسماء تتصفح الانترنت بحثا عن احذية فاخرة ، بحسب احدى الرسائل. وكتبت الى صديقات تشاطرهن معلومات عن توفر أحذية جديدة بينها زوج مرصع بالكريستال ذو كعب علوه 16 سنتم بسعر 3795 جنيها استرلينيا. وسألت أسماء "هل هناك ما يلفت الانظار ، فهذه القطع لا تُصنع للجمهور العام". وأجابت احدى الصديقات بلهجة جافة "لا اعتقد انها ستكون مفيدة في أي وقت قريب لسوء الحظ".

واشد ما يثير السخط المناسبات التي كان أفراد أسرة الأسد يتسوقون أو يتبادلون النكات فيها على الانترنت مستخدمين في احيان كثيرة اسماء مستعارة فيما كان العالم يتابع اهوال العنف واراقة الدماء. ويبدو ان المستشارة لميس عمر اعترفت بأن الأسد وزوجته يخاطران بالظهور وكأنهما غير مكترثين بما يجري ، وأرسلت الى الأسد رابطا الى مقال في مجلة بزنيزويك الاميركية يتحدث عن حياة الرئيس السوري "داخل شرنقة".

وتوقِّع أسماء الأسد رسائلها الالكترونية عادة بالأحرف AAA في اشارة الى "أسماء الأسد" كما يُكتب الاسم الثنائي بالانكليزية ، أو عالية كيالي وهو اسم سكرتيرة الشركة التي يعتقد ناشطون ان أسماء كانت تختفي وراء هويتها. والتوقيع باسم عالية هو السائد في المراسلات مع متاجر في باريس ولندن.

وفي تموز/يوليو أوصت "عالية" على شمعدانات وطاولات وثريات بقيمة 10 آلاف جنيه استرليني لشحنها من مصمم في باريس عن طريق شركة عامة في دبي. وفي اوائل تشرين الثاني/نوفمبر ، فيما كانت الاحتجاجات مستمرة ، تلقى تاجر لوحات فنية في لندن رسالة تسأل عن توفر اعمال فنية سعر كل منها يتراوح بين 5000 و35 الف جنيه استرليني. وفي اواخر كانون الثاني/يناير تسلمت "عالية" طاولتين توضعان جنب السرير من معمل في تشيلسي ولكنها اكتشفت ان خطأ حدث ، وشكت من وصول الأدراج بألوان مختلفة.
وفي بريطانيا قالت شركات تجهيز ان لا علم لها بأن المرأة التي تختفي وراء حساب "عالية" هي في الحقيقة سيدة سوريا الأولى. فان توني كاربنتر الذي يملك شركة لصنع الأثاث حسب الطلب في جنوب انكلترا باع الى "عالية" طاولة فاخرة كلفت 6257 جنيها استرلينيا. وقال كاربنتر لصحيفة الغارديان انها اعطته عنوانا في لندن وان الأثاث شُحن الى دبي.

ولم تكن قوائم التسوق دائما تتسم بالبذخ بل كانت تشير احيانا الى تأثير الأحداث على حياة الأسرة الحاكمة. ففي 30 كانون الأول/ديسمبر حين كان المحتجون يتظاهرون في حلب وحماة ودمشق ودرعا ، أرسلت اسماء الأسد الى زوجها خيارات لاستعمال ملابس واقية من الرصاص على شكل سترة ، ورابطا الى الشركة المنتجة ـ "في آي بي ارمور".

ودأب الأسد نفسه على إدامة سيل من رسائل المحبة الى زوجته مستخدما العناوين المموهة ليكشف في بعض الأحيان عن موقفه الحقيقي من الاصلاحات التي وعد بها البلاد في وقت سابق من العام الماضي.
ففي تموز/يوليو حين كتبت اسماء انها ستفرغ في الساعة الخامسة بعد الظهر أجاب زوجها الذي بدا مسرورا بالقول "ان هذا أحسن اصلاح يمكن ان يناله أي بلد ، أن تقولي لي أين ستكونين ، وسنعتمده بدلا من زبالة قوانين الأحزاب والانتخابات والاعلام".

وكان الأسد يبحث احيانا عن أشرطة فيديو نالت اعجابه. وفي احدى المناسبات ارسل اليها شريط فيديو من برنامج "اميركا لديها مواهب" يظهر فيه ساحر يستخدم خداع البصر بقطع شخص الى نصفين بمنشار ثم يعيده كما كان.

كما ترسم الرسائل صورة علاقة تحت ضغط شديد. وقالت اسماء لزوجها في رسالة الى زوجها في اواخر كانون الأول/ديسمبر "إذا كنا أقوياء معا فاننا سنتغلب على هذا معا... أُحبك".
وتكشف رسائل الأسد عن مخاوفه وظنونه الداخلية. ففي 16 تشرين الأول/اكتوبر حين دعت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الانسان نافي بيلاي الى تحرك دولي لتفادي اندلاع حرب أهلية شاملة في سوريا ، عمم الأسد من كومبيوتره اللوحي آيباد مقالة على قائمة من المتلقين الذي لم تُعرف هوياتهم. وتذهب المقالة الى ان السفير الاميركي في دمشق روبرت فورد مسؤول عن "تجنيد فرق موت عربية من وحدات تنتمي الى القاعدة في افغانستان والعراق واليمن والشيشان للقتال ضد الجيش السوري والشرطة السورية".

وبعث الأسد بمقالة أخرى الى زوجته في 23 تموز/يوليو تصف روبرت مردوخ مالك امبراطورة نيوز كوربوريشن الاعلامية بأنه يهودي ومواطن اسرائيلي وشيطان.

وتسلط الرسائل الالكترونية ضوء على حلقة المستشارين الشباب المحيطين بالأسد ، وهم يتبادلون النكات والكليبات التلفزيونية والمقتطفات الصحفية عن الأزمة مع الرئيس على نحو منتظم ويخاطبونه بدون تكلف. ويشير المستشارون الذين غالبيتهم من النساء الى الرئيس الأسد بلقب سيدي أو سيادة الرئيس ، وفي احدى المناسبات ، في رسالة لم يكن المقصود ان يراها ، ولكنها أُرسلت اليه ، سُمي "الأنيق".

وتولت شهرزاد الجعفري ابنة السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري دور المستشار الاعلامي. وتبين الرسائل الالكترونية انها أخذت على عاتقها تنظيم المقابلة التي اجرتها شكبة أي بي سي مع الأسد. وفي مناسبة أخرى بعثت اليه بصورة فوتوغرافية يظهر فيها نيكولا ساركوزي واقفا على صندوق بجانب جورج بوش مع تعليق من كلمة واحدة: "مضحك".

وتحدث المستشارة الأخرى هديل العلي في احدى الرسائل عن رد فعل مجموعة من الأصدقاء الذين تابعوا خطاب الرئيس في كانون الثاني/يناير ملخصة مشاعرهم ونظرتهم اليه وكأنه نجم من نجوم البوب: "نحبه كثيرا!! ونحن فخورون به وبقوته وحكمته وسحره ، وبالطبع بجماله".
قال ناشطون سوريون إن موظفًا شابًا في دمشق سلَّم بيد مرتجفة في آواخر آذار/مارس العام الماضي قصاصة من الورق إلى أحد الأصدقاء. وكتُب عليها أربع شفرات بخط اليد، طُلب من الصديق إيصالها الى مجموعة صغيرة من المغتربين السوريين، وهم سيعرفون ما يفعلون بها.

وكانت الورقة تحوي عنوانين إلكترونيين هما sam@alshahba.comوak@alshahba.com يُعتقد أنهما الأسم المستخدم في البريد الالكتروني لكل من الرئيس السوري بشار الأسد وعقيلته أسماء، مع كلمتي مرورهما.

وعلى امتداد الأشهر التسعة التالية، كانت خلية من الناشطين تتابع الحياة الخاصة لعائلة سوريا الأولى ومحاولاتها تفادي الهاوية التي ينزلق اليها البلد.

وفي حزيران/يونيو، بعد ثلاثة أشهر على الموعد الذي كان في ذهن الناشط المدسوس، وجدت تفاصيل الرسائل الالكترونية طريقها الى اثنين من المهنيين السوريين في منطقة الخليج انضما مؤخراً الى حركة المعارضة في الخارج بعدما أمضيا الشطر الأكبر من حياتهما معارضَين صامتين للنظام السوري.

وخرج الناشطان المغتربان عن صمتهما بتشجيع الانتفاضة التي بدأت في مدينة درعا جنوب سوريا في 15 آذار/مارس، ومعهما مئات الآلاف في دولة الأسد الشمولية. وعقد الاثنان العزم على عمل ما بوسعهما للمساهمة في انهاء عقود من الاستبداد.

ونقلت صحيفة الغارديان عن أحد الناشطين أن هوية اصحاب العناوين الالكترونية كانت واضحة. "انهما الرئيس وزوجته ولم يكن هناك شك في ذلك". ويتابع الناشطان "أن حركة الرسائل الالكترونية بدأت بطيئة، رصدنا رسالة أو رسالتين في اليوم الى كل حساب". فالأسد، كما هو متوقع، كان مشغولاً بشؤون الدولة، وزوجته مشغولة بحياة العائلة، والتسوق.

وفي نهاية الصيف تسارعت حركة البريد الالكتروني بصورة ملحوظة، وتزامن ذلك مع تصاعد العنف في اعقاب شهر رمضان، الذي صادف حلوله في آب/اغسطس.

ومع اقتراب عام 2011 من نهايته، ازداد الوضع تفاقماً في مناطق عديدة من سوريا. وبحلول الخريف جمع الأسد فريقاً من المستشارين لمساعدته في التعامل مع الاعلام الدولي وإعطائه تقييمات صريحة بشأن مواضيع حساسة، منها الحركة المسلحة التي سيطرت على حمص، وآراء حليفي سوريا، ايران وحزب الله.

وكانت على رأس المستشارين الاعلاميين شهرزاد الجعفري، ابنة السفير السوري في الأمم المتحدة بشار الجعفري، وهديل العلي، وهي شابة سورية تدرس في جامعة أميركية.

وركبت شهرزاد وهديل طائرة الى دمشق لتقديم استشارتهما الى الرئيس شخصياً. وأكدت المستشارتان رصيدهما من الاتصالات في الولايات المتحدة بنقل تفاصيل احاديث أجرتها كل منهما مع مسؤولين في صحيفة نيويورك تايمز وشبكتي ان بي سي واي بي سي، التي كلها أبدت رغبة في مقابلة الرئيس السوري.

واصبحت المرأتان عنوانين ثابتين في مراسلات اسماء الأسد، وكانتا تستخدمان العنوانين الالكترونيين اللذين تتواصلان بهما مع الصحافيين والمحررين. وقام الناشطان السوريان بتكثيف جهودهما مع تصاعد حملة البطش لمراقبة الحسابين على مدار الساعة من غرفة المعيشة في مكان اقامتهما.

وكان البريد خفيفاً في بعض الأيام، ولكن حماسة الناشطين ظلت متقدة على أمل وصول رسائل فيها من المعلومات ما يمكن استخدامه في الميدان، أو أكثر من ذلك مساعدة المعارضة على إسقاط أشد الأنظمة انغلاقاً في الشرق الأوسط.

وسرعان ما لاحظ الناشطان ظهور اختلافات في طريقة الأسد وزوجته في استخدام بريدهما الالكتروني. ونقلت صحيفة الغارديان عن أحد الناشطين أنهما وجدا من الضروري أن يكونا سريعين في اقتناص مراسلات بشار لأنه كان يمحو غالبية المراسلات فور وصولها الى بريده في حين أن زوجته لم تكن تفعل ذلك. لذا كان على الناشطين أن يتلقفا الرسائل فور تحولها من باب "غير مقروءة" الى باب "مقروءة".

ويبين محو المراسلات الالكترونية فور وصولها درجة الوعي بالأمن الالكتروني، كما يؤكد هذا الوعي الأمني الحقيقة الماثلة في أن الأسد لم يذيّل أي رسائل إلكترونية يبعث بها باسمه أو الأحرف الأولى من اسمه. ولكن العديد من الرسائل الواردة على بريده الالكتروني كانت موجهة اليه بصفته رئيساً وتتضمن تفاصيل خاصة ونقاشات ليست معروفة خارج الحلقة الضيقة لأركان النظام.

وقال الناشط: "كنا نراقب كل شيء عن كثب". وعندما أُبلغ الأسد بوجود صحافيين أجانب في حمص كان بمقدور الناشطين لفت انتباه المعارضين في المدينة الى ذلك.

وبحلول منتصف كانون الأول/ديسمبر أصبحت الرسائل الواردة على عنوان الأسد الالكتروني مثيرة بصورة متزايدة. وكانت هناك رؤوس أقلام لخطاب من المقرر أن يلقيه بشأن الانتخابات، وايجازات يومية لأقوال الصحافة العالمية ومدائح من أعوان وثرثرة دائمة من مستشاريه الاعلاميين. ولكن المعلومة التي كان الناشطان ينتظرانها بفارغ الصبر ظلت بعيدة المنال. وقال أحد الناشطين أن الخبر المنشود لم يأتِ "ولكن حجم الأدلة كان قوياً رغم ذلك".

في كانون الثاني/يناير جاءت تسريبات منظمة انونيموس المختصة باختراق الانترنت. إذ دخلت مجموعة من القراصنة الالكترونيين موقع وزارة الشؤون الاجتماعية السورية وتصفحت أكثر من 80 عنواناً بريدياً الكترونياً محفوظة في خادم الوزارة.

وأغلب الظن أن هذا التسريب أوصل عنواني الأسد وزوجته أسماء، والاسمين اللذين يستخدمانهما في مراسلاتهما الالكترونية الى مجموعة أوسع من الدائرة الصغيرة، إلى الناشطين الذين كانوا يراقبون حركة بريدهما. وتمكن أحد ما يبحث في بريد الوزارة من التوثيق على نحو بأن أحد الحسابين يعود الى الرئيس الأسد.

وفي 7 شباط/فبراير وُجهت رسالة تهديد إلكترونية بالعربية الى عنوان الأسد الالكتروني. وفي اليوم نفسه توقفت الحركة على حسابه، كما توقفت القدرة الاستثنائية على مراقبة ما يجري في الزمن الحقيقي داخل الحلقة الأضيق للنظام السوري. وقال الناشط: "إننا الآن لا نريد سوى كشف النظام على حقيقته للعالم. ولا نريد إلا رحيله".

No comments:

Post a Comment