حالة من الغضب الشديد سيطرت طيلة الأيام الماضية على مجموعة كبيرة من المستثمرين ورجال الأعمال بسبب الصورة السيئة والسلبية - على حد وصفهم - والتي يظهرون بها في الفيلم السينمائي الجديد (بوبوس) للفنان عادل أمام حيث اعتبروا أن هذه الصورة بعيدة كل البعد عن الواقع حيث يظهرون في صورة نصابين وأفاقين يسعون لتحقيق مصالحهم الشخصية والتحايل على القوانين وثغراته والاستيلاء على أموال البلد والبنوك بكافة السبل وهو أمر - كما يقولون - غير مطابق للحقيقة.
متعثرون وفاسدون
وقد تسببت هذه الصورة السلبية - كما يقولون - في دفع رجال الأعمال لمطالبة الجمعيات والاتحادات التابعين لها - والتي من المفروض أنها تمثلهم وتحافظ على مصالحهم - بضرورة التحرك خاصة وأن هذا الفيلم لم يكن العمل الأول الذى يقدم رجال الأعمال الذين هم أعمدة اقتصاد هذا البلد - على حد وصفهم - بهذه الصورة السلبية، وهو العمل الذي يؤكدون أنه لن يكون الأخير في حال استمرار صمت الاتحادات والهيئات والنقابات.
وهذا هو ما دفع بعض المسئولين مثل خالد أبو اسماعيل رئيس اتحاد الغرف الصناعية وجمال بيومي أمين عام اتحاد المستثمرين وجلال الزوربا رئيس اتحاد الصناعات للتحرك والإعراب عن غضبهم الشديد مما يحدث، حيث اتفقوا جميعاً على شئ واحد وهو أن السينما اعتادت عبر الكثير من الأعمال على إظهارهم بصورة سيئة للغاية وأنهم جميعاً متعثرون وفاسدون وعاجزون عن دفع ما عليهم للبنوك فتقوم البنوك بتمويلهم دون الحصول على ضمانات حقيقية وغيرها من الأمثلة الأخرى.
استجوابات وقضايا
وقد اتفقت هذه الهيئات والاتحادات على ضرورة التحرك بشكل إيجابي لوقف هذه المهزلة - على حد وصفهم - وذلك بتقديم طلبات إحاطة واستجوابات في مجلس الشعب ضد وزير الثقافة بصفته المسئول عن الرقابة المعنية بإجازة هذه الأفلام ومطالبتها بضرورة تحري الدقة في أي سيناريو يقدم لها عنهم ويكون غير مطابق للواقع، وفي الوقت ذاته مخاطبة النقابات الفنية المعنية بشأن الأمر وتصعيده إلى القضاء إذا استلزم الأمر ضد أي عمل يقدمهم بشكل سيئ أو سلبي خاصة وأن هذا الفيلم لم يكن الأول، فهناك العديد من الأفلام الأخرى التي قدمتها السينما خلال الأعوام الماضية وبالشكل نفسه.
قائمة الأفلام
ولعل من أبرز هذه الأفلام - كما يقولون – فيلم (ياعزيزى كلنا لصوص) لمحمود عبدالعزيز وليلى علوى والراحل صلاح قابيل، و(اللعب مع الكبار) لعادل إمام ومحمود الجندي، والعديد من الأفلام التي قدمتها نبيلة عبيد مثل (قضية سميحة بدران) الذي جسدت فيه شخصية صحفية تهاجم الفساد فيتحالف ضدها مجموعة من رجال الأعمال وتفاجأ بعمل زوجها معهم، وكذلك فيلم (امرأة تحت المراقبة)، وأيضاً الكثير من الأفلام التي قامت ببطولتها نادية الجندى وأنتجها لها زوجها الأسبق محمد مختار، وكذلك بعض أفلام ايناس الدغيدي مثل (كلام الليل)، ناهيك عن الأفلام العديدة التي كتبها وحيد حامد لعل آخرها فيلم (الوعد) الذي جسدت فيه روبي شخصية فتاة تستغل جمالها وأنوثتها لإقامة علاقات مع رجال الأعمال للوصول إلى معلومات تفيد جهة بعينها، بالإضافة إلى العشرات من الأفلام الأخرى بما فيها الأفلام الكوميدية والمسلسلات مثل (وش إجرام) و (جاءنا البيان التالي).
قضية أيام صعبة
والغريب حقا أن ثورة رجال الأعمال تزامنت مع هذه الدعوى التي قام برفعها أحد رجال الأعمال تحت رقم18937 قصر النيل ضد المنتج السينمائي كامل أبو علي بسبب فيلم (ايام صعبة) الذي عرضته السينما مؤخراً وقام ببطولته هشام عبدالحميد واتهمه فيها بأن الفيلم يناقش قصة حياته دون الحصول على موافقة منه، وأكد رجل الأعمال في دعواه أن الفيلم تضمن اتهامات له بأنه لص ومريض جنسياً مما يضر بشدة بسمعته، والغريب أيضاً تأكيد صاحب الدعوى بأن هناك صلة مصاهرة بينه وبين مؤلف الفيلم قام المؤلف باستغلالها ومن ثم اقتباس قصة حياته ومحاولة تشويهه.
و تقرر إحالة المحضر إلى النيابة التي تولت التحقيق وقررت المحكمة في جلستها الأخيرة تأجيل الدعوى لعرض نسخة من الفيلم على المحكمة، ويطالب رجل الأعمال بتعويض قدره 10 ملايين جنيه لما أصابه من أضرار جسيمة.
تعثر وهروب
والسؤال الآن هو: هل يتعمد صناع السينما والدراما التليفزيونية هذا التشويه لسمعة رجال الأعمال وتسليط الضوء على الجوانب السيئة والسلبية في حياتهم وعملهم فقط؟
طرحنا هذا السؤال على بعض مؤلفينا وفنانينا الكبار فماذا قالوا:
يقول المؤلف يوسف معاطى: "أولا أنا لست في حاجة لأن أدافع عن نفسي فيما طرحته في فيلم (بوبوس) لأن ما قلناه وتطرقنا إليه في معظمه أمور حقيقية وغير خافية على أحد، وكل ما فعلناه هو أننا قمنا بتقديم هذه الأحداث بطريقة طريفة.. وشر البلية ما يضحك".
ويواصل قائلاً: "نحن لم نتعمد الإساءة لأشخاص بعينهم، فنحن نعلم تماماً أن هناك مئات وآلاف من رجال الأعمال المحترمين ولكن في الوقت ذاته هناك أشخاص نعرفهم جيداً اقحموا انفسهم في هذا المجال لأسباب نعرفها جيداً وأصبحوا يحملون هذا المسمى، فاختلط الحابل بالنابل وللأسف فهم - وبمساعدة آخرين من المسئولين ببعض البنوك - أساءوا للكثير من الشرفاء. فهل قلنا في الفيلم شيئ غير حقيقي أو غير منطقي؟ أليس هناك رجال أعمال نهبوا بالفعل أموال البنوك وتعثروا، ومنهم من تم حبسه ومنهم من استطاع الهروب؟".
كوارث وعيوب
ويعلق الكاتب الكبير وحيد حامد قائلا: "هذا الكلام غير حقيقي على الإطلاق فنحن نسلط الضوء على كافة الظواهر في المجتمع سواء كانت إيجابية أو سلبية ولكن للأسف فقد انتشر السئ للغاية في هذا العصر!!".
ويواصل وحيد حامد: "تعالوا نتفق على شئ هام وهو أن العمل الفني المحترم سواء كان سينمائياً أو تليفزيونياً يجب أن يناقش القضايا الهامة للمجتمع، ومن ثم تسليط الأضواء عليها لعل وعسى تظهر طريقة للتخلص من الكوارث والعيوب التي أصابتنا وما أكثرها، ومن ثم فنحن نتعرض لكافة المشاكل والظواهر المختلفة في المجتمع بإيجابياتها وسلبياتها سواء كانت تخص رجال أعمال أو تخص رجال دين أو تخص مسئولين كبار او غيرها من الموضوعات".
نقد هدام
وعن رأيها في الهجوم الذي تعرض له الفيلم من قبل النقاد بوجه عام ومن رجال الأعمال بوجه خاص تقول الفنانة المحبوبة يسرا: "بصدق شديد أنا غير سعيدة على الإطلاق بما حدث لأن هناك فارق كبير بين النقد الموضوعي الذي اعتدناه وساهم بلا شك فى صنع أسمائنا وبين ما يحدث الآن.. وبوضوح أكثر أقول إن ما حدث مع هذا الفيلم تحديداً لم يكن أبداً نقد موضوعي وبناء مثل الذي اعتدنا عليه".
وتواصل يسرا قائلة: "أنا مندهشة من غضب وثورة بعض رجال الأعمال واعتقد أن الكثيرين منهم انساقوا خلف أخبار نشرت وقيلت دون أن يشاهدوا الفيلم، فالفيلم سلط الضوء على فئة بعينها من الفاسدين ممن لا نستطيع إنكار وجودهم وإلا نكون مثل النعامة التي تضع رأسها في الرمال، ولا يمكن لأحد أن ينظر إلى الجميع نظرة واحدة، أما عن نفسي فأنا سعيدة جداً بالتجربة وأرى أنها من أهم التجارب ليس التي خضتها مع عادل امام فحسب وإنما في مسيرتي الفنية بالكامل
.
No comments:
Post a Comment