احداث العمرانية

قتيل و23مصاباً بأحداث شغب كنيسة العذراء والملاك ميخائيل بالعمرانية

استقبل مستشفى أم المصريين بالجيزة، صباح اليوم الأربعاء، 23 مصاباً ومتوفى جميعهم أقباط جرّاء أحداث الشغب، التى وقعت أمام محافظة الجيزة وكنيسة العمرانية بسبب أزمة البناء بكنيسة الدائرى.

وصرّح مصدر طبى من داخل المستشفى بأن قسم الطوارئ استقبل ما يقرب من 23 مصابًا مسيحيًا فى الفترة من 45. 7 دقيقة صباحاً حتى الساعة التاسعة بالإضافة إلى وصول شاب مسيحى متوفى يدعى ماكاريوس جاد شاكر "19 سنة" وتتراوح أعمار المصابين بين 20 و 47.

كما أكد المصدر أن جميع الحالات المصابة مستقرة إلى جانب حالة واحدة فى غرفة العمليات حالياً، وأعلن مستشفى أم المصريين حالة الطوارئ القصوى تحسبا لاستقبال أى حالات جديدة فى تلك الأزمة مؤكدة أن قسم الطوارئ يعمل على مدار الساعة لمتابعة أى حالات جديدة .

البابا شنودة يدين محافظ الجيزة والأمن فى أحداث العمرانية

فى أول رد فعل حول أعمال الشغب بالعمرانية أمس، الأربعاء، انتقد البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، طريقة تعامل الأمن ومحافظة الجيزة، قائلاً: "المحافظة عايزة تهد الكنيسة ببلدوزر دول ناس صعايدة، لازم يفهموا طبيعة الشعب وكيفية التعامل معه".

وأضاف البابا، فى تصريحات صحفية، أنه يريد من المحافظ التعامل بالحكمة وليس بالعنف مع الأزمات لعدم تكرار ما حدث، لافتاً إلى أنه حزين جداً.

من جهة أخرى، رفضت البطريركية المرقسية بالعباسية إصدار بيان عن أحداث كنيسة العمرانية، وقال مسئول كنسى لـ"اليوم السابع" "مفيش حاجة تتقال ولا حاجة تتكتب"، مطالبًا فى الوقت ذاته الرئيس مبارك بالتدخل فى إصدار قانون العبادة الموحد.

وفى سياق متصل شيعت صباح اليوم جنازة مكاريوس جاد شاكر الشاب القبطى، الذى توفى فى أحداث كنيسة العمرانية فى مسقط رأسه بسوهاج وسط حضور كثيف من أهالى القرية والقرى المجاورة، فى مشهد شارك فيه أغلب كهنة المحافظة ومندوب عن الكنيسة.


سكان العمارات المجاورة لكنيسة العمرانية يروون تسلسل أحداث الشغب

أكد سكان العمارات المجاورة لكنيسة العذراء والملاك بالعمرانية، توافد عدد كبير من الأقباط بعائلاتهم إلى مبنى الكنيسة منذ عدة أيام، وإصرارهم على مواصلة البناء رغم حضور أفراد من حى العمرانية لإخبارهم بوقف البناء بدون تصريح، إلا أنهم تجاوزوا التعليمات وكانوا يتجمهرون بأعداد كبيرة أمام سيارات الطوب والأسمنت، حاملين طوبا وأسلحة لمواجهة أى محاولات لمنعهم.

أوضح جمال محمود، حارس العقار المواجه للكنيسة تحت الإنشاء، أن المتواجدين داخل الكنيسة كانوا يطلقون الأعيرة النارية فى الثانية صباحا من كل يوم، مما بث الرعب فى سكان الشارع بأكمله، الذين امتنعوا عن التدخل فى الأزمة بأى شكل حتى لا يدخل المسلمون فى الشارع كأحد أطراف القضية.

وسرد جمال أن عددا كبيرا من سيارات الأمن المركزى تواجدت فى الشارع منذ الخامسة صباحا، وطلبوا من المتواجدين فى الكنيسة الخروج لتسليمها للحى، إلا أنهم رفضوا وبدأوا بإلقاء الطوب على أفراد الأمن، مما دفع الأمن بأن يردوا عليهم بالأعيرة المطاطية والقنابل المسيلة للدموع.

واعتبر بعض ممن اشتركوا فى الأحداث من الأقباط أنهم متطوعين لبناء الكنيسة التى انتظروا الحصول على تصريحها منذ 10 سنوات، وأنهم لم يعودوا إلى مواصلة البناء منذ 3 أيام إلا بعدما تحدثوا مع المحافظ وقال لهم "أبارك بناء الكنيسة"، لكنهم فوجئوا بأفراد الأمن يمنعون سيارات الطوب والأسمنت بدخول الكنيسة.

وبرر أقباط الكنيسة الموقف على أنه رد فعل للدفاع عن المبنى الدينى الذى لا يجوز بناء سلم طوارئ داخله كما طلبت منهم المحافظة.


جدل بين العلمانيين الأقباط حول أحداث العمرانية


حول أحداث العمرانية التى اندلعت أمس الأول، الأربعاء، ثار الكثير من الجدل بين العلمانيين الأقباط حول من المخطئ فى اشتعال شرارة الفتنة الطائفية، وتأجيج العنف الدينى إلى هذا الشكل، حيث ذهب بعض العلمانيين الأقباط إلى أن الكنيسة سيطرت على الأقباط سياسيا وليس روحيا فقط، فيما أكد البعض الآخر على أن محافظ الجيزة لم يعالج الأمور بحكمة، وذهب فريق ثالث إلى الكل مدان فيما حدث ويجب أن يتم إحالتهم إلى القضاء.

قال المفكر القبطى جمال أسعد لـ"اليوم السابع" إن الكل مدان فى أحداث العمرانية التى اشتعلت الأربعاء، مؤكدا على أن الحكومة والمناخ الطائفى وتصرفات الكنيسة أسباب أدت إلى ما حدث، وقال أسعد، هذه الحوادث نتيجة لتحول مشكلة بناء الكنائس إلى الشرارة الدائمة لاندلاعها، فالنظام لا يجد حلا لأى مشاكل جماهيرية، ومن ضمنها هذه المشاكل الطائفية، وترك المؤسسة الكنسية تلعب كل الأدوار، ما عدا الدور الروحى.

وأكد أسعد لـ"اليوم السابع" على أن الكنيسة استقطبت الأقباط، وجعلتهم شعبها السياسى، بدلا من أن يكونوا شعبها الدينى، وهو الشىء الذى جعلها تستغلهم، من أجل أن تظهر أمام النظام بمظهر من يملك هذا الشعب، روحيا وسياسيا، فأصبح هذا الشعب أيضا لا يدين لها بالولاء الدينى فقط، وإنما أيضا بالتسليم الكامل لإرادته.

وقال أسعد الكنيسة دائما ما ترسل رسائل للدولة، فى شكل مظاهرات، واحتجاجات، واحتجاز للشبان القبطى فى الكاتدرائيات، مما يجعل الدولة تخضع، لهذه المواقف، وسلمت مواطنيها المسيحيين للكنيسة التى أصبحت قيادتهم السياسية غير الرسمية، ومن ناحية أخرى تخلت الدولة عن مسئوليتها تجاههم، مضيفا واختصرتهم فى الكنيسة والبابا شنودة.

وأشار أسعد إلى أن مشكلة الجيزة تمت تحت هذا المناخ المؤلم، فالقيادة الكنسية استغلت انتخابات مجلس الشعب، لإتمام بناء الكنيسة، ولما صدر قرار المحافظ بتأجيل الموافقة على البناء لمدة أسبوعين، لم تثق الكنيسة، لأنها ظنت أن تأجيل البناء جاء بغرض الانتهاء من الانتخابات، وهو ما جعل الكنيسة ترفض الخضوع، وتقرر مواصلة البناء، وأكد أسعد على أن 3000 شاب قبطى وصل الليل بالنهار لإتمام بنائها، وهو ما أدى إلى انفجار هذه الشحنة التى أدت للأحداث المؤسفة.

وأكد جمال أسعد على أن ما حدث ليس سلوكا مسيحيا، وإنما مواجهة سياسية وضد القانون، مضيفا حل مشكلة بناء الكنائس يأتى من خلال حوار سياسى يصل إلى إصدار قانون بناء الكنائس، ولا يأتى من خلال هذه البلطجة، مشيرا إلى أن تطبيق القانون يستلزم أولا القضاء على المناخ الطائفى الذى يبرر هذه الحوادث، وقال، أدعو إلى تطبيق القانون على كل المخطئين سواء الأمن أو رجال الكنيسة أو الشباب، بعيدا عما يسمى بالتوازنات السياسية.

فيما أكد كمال زاخر، المنسق العام لجبهة العلمانيين الأقباط، على أن محافظ الجيزة تعامل مع الأمر كأنه يدير ثكنة عسكرية بصفته لواء سابق، مشيرا إلى أن ما حدث فى العمرانية يشابه إلى حد كبير أحداث الزاوية الحمراء التى اندلعت فى السبعينات، للسبب نفسه، مؤكدا على أن الأقباط اعتادوا على بناء كنائسهم فى صورة مبان خدمية أولا، ثم يحدث الالتفاف حول القانون وتحويلها لكنيسة، وأرجع زاخر صعوبة بناء الكنائس للشروط العشرة التعجيزية حسبما وصفها زاخر، لقانون السيد العزبى باشا وكيل وزارة الداخلية عام 1932، وقال زاخر: وفقا لقانون العزبى باشا، لا يمكن أن تجتمع هذه الشروط التعجيزية فى ملف واحد، فهى تجسد المثل الشعبى الذى يقول "مكسور ما تاكلش، سليم ما يكسرش، وكل لما تشبع"، وأوضح زاخر فكرته بأنه تم رصد 500 كنيسة تم بناؤها بهذا الأسلوب، مرجعا المسئول الأول عن هذا الوضع للحكومات المتعاقبة التى ترفض فتح الملف القبطى وتحليله، وإصدار قانون بناء دور العبادة.

وأكد زاخر على أن الحزب الوطنى ممثلا فى الإدارة المحلية لمحافظة الجيزة سقطت فى إدارة الأزمة، مشيرا إلى أن هذه الإدارة المحلية استخدمت البيروقراطية، فى التعامل مع القضية، وتعسفت فى استخدام سلطتها، بعيدا عن الحس السياسى الذى يجب أن يحتذيه المسئولون، مشيرا إلى أن قائد هذا الجهاز وهو المحافظ لم يستوعب طبيعة المنطقة العشوائية التى يتم بناء المبنى به، وأوضح زاخر أن هذا المبنى يحوى مصريين وافدين من الريف، ومن الدلتا، ولم يستوعب المحافظ طباع هذه الناس المختلفة، ودخل معهم فى عند ومكابرة، فاستخدم السلطة، واستدعى الأمن الذى لا يتحرك إلا بناء على طلبه.

وتعجب زاخر من عدم استخدام المحافظ للقنوات الرسمية مثل إرسال الإنذارات، أو استدعاء القيادات الكنسية، مشيرا إلى أن هذا موضوع حساس، وكان يجب على المحافظ أن يتمتع بحس سياسى فى معالجته، وقال زاخر، فى رأيى الأمر يستوجب محاكمة محافظ الجيزة محاكمة سياسية، لأنه عرض البلد فى لحظة للاحتراق وألقاها فى أتون فتنة طائفية، لولا حكمة ونضوج الأخوة المسلمين الذين تعاملوا مع العنف بحكمة، فلم يبلعوا الطعم، بحكم كونهم شركاء فى الوطن، واستقبلوا العنف بشكل راقى، يؤكد طبيعة الشعب المصرى الذى هو صمام الأمان فى هذه الأحداث.

وذهب المفكر الدكتور رفيق حبيب إلى أن الجميع يجب أن يتم محاسبته قضائيا ومحاكمتهم، والقانون وحده عليه أن يبرئ من ليس له مسئولية فى اشتعال الأحداث، ويجرم المسئول عنها، وقال حبيب لـ"لليوم السابع": الاحتجاج القبطى نشأ نتاج تصاعد احتقان دينى عبر سنوات عدة، وصل لمرحلة الاحتجاج الشعبى العنيف، وهى مرحلة خطرة الدولة فشلت فى حلها، مشيرا إلى أن المجتمع المصرى أصبح يواجه مخاطر حقيقية تتمثل فى أن النزاع الدينى يتحول إلى عنف شعبى يأخذ شكل من أشكال الفوضى.

وتابع حبيب: "لا يجب أن نناقض أنفسنا، فالدولة لم تنفذ سيادة القانون فى أحداث النزاع الدينى، لكن تدخل جهة الإدارى كان صحيحا، لأنه لا يجب أن نطلب من جهة إدارية أن تتعامل سياسيا مع مخالفة إدارية واضحة، وإذا قلنا هذا فنحن نقف ضد استخدام القانون، مؤكدا على أهمية تقديم كل الأطراف للمحاكمة ونترك القضاء وحده يقول كلمته".

No comments:

Post a Comment