وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد 10 سنوات كاملة، قضت الجماهير المصرية ليلة سيئة أخري في كأس العالم للقارات بعدما فشل منتخبها الوطني في تحقيق حلم الصعود إلى الدور قبل النهائي لبطولة كأس القارات والذي كان قاب قوسين أو ادني من الفراعنة.
يتشابه منتخبا عامي 1999 و2009 إنهما خرجا بنفس السيناريو تقريبا في البطولتين، ولكنهما يختلفان في ان الخروج من بطولة عام 1999 فرض على الجهاز الفني للفريق حينها بقيادة الكابتن محمود الجوهري بسبب ظروف معاكسة، في حين ان الجهاز الفني لمنتخب 2009 بقيادة الكابتن حسن شحاتة اختار الخروج بنفسه وبمحض إرادته.
سيناريو خروج 1999 شهد تدخل تحكيمي
ففي عام 1999، دخل المنتخب المصري مباراته الثالثة في كأس القارات حينها وهو يملك نقطتين وكان يكفيه التعادل او الفوز علي المملكة العربية السعودية ليصعد الفريق وقتها الي الدور قبل النهائي بصحبة المنتخب المكسيكي.
وكانت الجماهير المصرية شبه واثقة من صعود فريقها الي الدور قبل النهائي خاصة بعد العرض القوي الذي قدمه الفريق في الجولة الثانية أمام المنتخب المكسيكي صاحب الأرض وتمكنه من التعادل معه بنتيجة 2-2 في الدقائق الأخيرة بعدما ظل الفريق متأخرا بنتيجة 0-2 طيلة دقائق المباراة.
ولكن جاءت المباراة الثالثة لتحمل نهاية كارثية للمنتخب صاحب بطولة كأس الأمم الإفريقية 1998 ليخسر بنتيجة 5-1 أمام المنتخب السعودي في مباراة وصفتها وسائل الإعلام المصرية "بغير الطبيعية تحكيميا".
ففي هذه المباراة، اضطر المنتخب المصري لإكمال اللقاء بتسعة لاعبين فقط منذ الدقائق العشرة الأولي بعدما طرد حكم اللقاء كل من حازم أمام وعبدالستار صبري الأمر الذي سهل المأمورية للمنتخب السعودي الذي نجح وقتها في هز شباك الفراعنة 5 مرات.
الجهاز الفني هو الذي اختار الهزيمة امام امريكا
اهداف المنتخب الامريكىوبعد 10 سنوات كاملة، جاء التاريخ ليعيد نفسه وبنفس السيناريو تقريبا، فالمنتخب المصري دخل المباراة الثالثة وهو علي بعد خطوة واحدة فقط من الوصول إلي الدور قبل النهائي بعد العرضين القويين الذي قدمهما أمام كل من البرازيل والمنتخب الايطالي.
ولكن جاءت الهزيمة الثقيلة أمام المنتخب الأمريكي لتعيد سيناريو 1999 ويخرج المنتخب بشكل دراماتيكي بحت حتى انه ظل في أوقات كثيرة في اللقاء أمام أمريكا متأهلا إلي الدور قبل النهائي بفضل النتيجة الكبيرة التي كان يحققها المنتخب البرازيلي في نفس الوقت علي حساب المنتخب الايطالي.
الجهاز الفني بقيادة الكابتن حسن شحاتة يتحمل المسؤولية الفنية كاملة لهزيمة مصر الكبيرة أمام أمريكا سواء بسبب الطريقة التي اختارها لمواجهة امريكا او بسبب التغيرات العديدة التي أجراها علي التشكيل الأساسي للمباراة.
فعلي الرغم من خوض مصر مباراتيه الاولتين في المجموعة بطريقة واحدة هي 3-6-1 ونجاحها تماما في تحقيق عرضين رائعين أمام كل من البرازيل ثم ايطاليا، الا ان شحاتة ابي ان يستمر بالطريقة الناجحة وفاجأ الجميع بخوضه مباراة امريكا بطريقة 3-4-1-2 وهي الطريقة التي اكدت ان الجهاز الفني للفراعنة لم يكن علي دراية تامة بقدرات المنتخب الأمريكي.
تغير الخطة تبعه تغيرات في التشكيل بالقطع، ولكن أولا يجب الإشارة إلي وجود إصابات في الفريق قبل بداية المباراة وهي مهاجم الفريق الأول في البطولة محمد زيدان بالإضافة إلي ظهير الفريق الأيسر سيد معوض.
خروج اللاعبين من التشكيل الأساسي كان حتميا علي الجهاز الفني ولكن تغيير عناصر هامة في خط الدفاع وخط الوسط كان الأساس الأكبر في اختلال توازن الفريق الذي ظهر به في مباراة ايطاليا بالتحديد.
مداخلة حسن شحاتهففي الوقت الذي توقع فيه الجميع استمرار التشكيل الذي بدأ أمام ايطاليا، فاجئ الجهاز الفني الجميع بالدفع بأحمد فتحي الظهير في مركز المساك علي الرغم من وجود احمد سعيد "اوكا" والذي أجاد في نفس المركز أمام كل من البرازيل وايطاليا.
الإبقاء علي اوكا والدفاع بفتحي في الدفاع جعل الجهاز الفني يستعين باللاعب احمد المحمدي في الجانب الأيمن الأمر الذي افقد هذه الجبهة نصف قوتها كاملة بسبب ابتعاد فتحي عنها.
اختيار شحاتة للعب أمام أمريكا بطريقة 3-4-1-2 أجبرته علي استبعاد لاعب من لاعبي خط الوسط الثلاثة وهم محمد شوقي وحسني عبدربه ومحمد حمص ووقع بالطبع الاختيار علي لاعب الاسماعيلي علي الرغم من كونه نجم مباراة ايطاليا الأول.
في الهجوم، وعلي الرغم من معرفة الجهاز الفني بغياب زيدان للإصابة إلا انه اختار الدفع بمهاجمين اثنين في المباراة وهم لاعبي حرس الحدود احمد عبدالغني واحمد عيد عبدالملك.
وإذا كان عبدالملك قد جني بعض الخبرة الدولية في الفترة الأخيرة سواء بمشاركته في المباريات الودية او في بعض الأوقات من المباريات الرسمية، إلا ان عبدالغني لم يكن لديه أي رصيد سابق لكي يتم الدفع به كأساسي في مباراة هامة مثل مباراة أمريكا.
الطريقة والتشكيل الخاطئين جعل المنتخب يخوض المباراة بسيناريو لا يشتهيه علي الاطلاق حيث أن المنتخب الأمريكي نجح في الوصول إلي مرمي عصام الحضري كيفما شاء بسبب الفراغ الذي أصاب خط الوسط المصري.
وبخلاف هذا الفراغ، نجح المنتخب الأمريكي أيضا في اختراق الجبهة اليمني تماما واستغلال عدم خبرة المحمدي في التغطية العكسية في العديد من الأوقات.
التغيرات لم تكن قادرة علي تصحيح الأوضاع
وعندما حاول الجهاز الفني تصحيح الأوضاع في الشوط الثاني، لم تكن التغيرات قادرة علي ذلك لان الفريق وجد نفسه متأخرا في النتيجة بنهاية الشوط الاول (0-1) وكان عليه الاندفاع للهجوم بأي شكل من الاشكال حتي يدرك التعادل.
الجهاز نفسه لم يجد علي دكة البدلاء أوراق تستطيع تغير النتيجة لأنه استنفذها بشكل غير سليم في التشكيل الأساسي، ولذلك ادخل احمد حسن أولا بدلا من احمد عيد عبدالملك الذي كان التغير الرابح سواء أمام البرازيل أو ايطاليا.
ثم دفع بكل من احمد سعيد اوكا ومحمد محسن ابوجريشة مجبورا بسبب إصابة كل من احمد فتحي واحمد عبدالغني، الأمر الذي جعل التغيرات كلها غير فعالة ولم تكن لتغير من أداء الفراعنة او حتى تمكنه من إحراز ولو هدف يتيم يؤهله للدور قبل النهائي.
مجمل القول، الجهاز الفني بقيادة الكابتن حسن شحاتة يتحمل الهزيمة النكراء أمام أمريكا في عام 2009، ويتحمل ضياع حلم الجماهير المصرية برؤية منتخبها يواجه منتخب اسبانيا اقوي منتخب كرة قدم في العالم حاليا في مباراة رسمية ينظمها الاتحاد الدولي وليس مباراة ودية.
اشترك الان معنا ليصلك جديدنا يوميا عبر الايميل
No comments:
Post a Comment