مع احتدام الجدل حول أزمة البيانات المصرفية المسروقة الخاصة بعملاء مصارف سويسرية تعود إلى مواطنين أوروبيين متهمين بالتهرب من دفع ضرائب مقدرة بملايين اليورو، أعلن رئيس اتحاد الصيارفة السويسريين اورس فيليب روت أن سرية الحسابات المصرفية للمودعين الأجانب في البنوك السويسرية قد انتهت.
ومع ذلك الإعلان ينتهي الجدل الثائر حيال تلك القضية التي أخذت منحا أخلاقيا بين السياسيين حيث ظهر فريق مؤيد لشراء تلك البيانات وأخر يعارض ذلك الاتجاه بشده مطالبا بضرورة تقدم بطلب تعاون ضريبي للحكومة السويسرية ومن ثم يتم القضاء على ظاهرة بيع حسابات مصرفية مسروقة وتسليمها إلى دول أخرى.
وأضاف في مقابلة بثها التلفزيون السويسري أمس السبت إن التداعيات المحيطة بالساحة المالية السويسرية حاليا بسبب سرقة بيانات مودعين في البنوك السويسرية يشتبه في أنهم متهربون من الضرائب في بلدانهم وبيعها للدول المعنية "يعني أن عهد سرية الحسابات المصرفية للمودعين الأجانب قد ولي".
وأكد وفقا لما ورد في وكالة الأنباء السعودية "واس" أن هذا الأمر لن يؤثر على إقبال المودعين الأجانب على البنوك السويسرية لأنها ستحافظ على تميزها وقدراتها التنافسية من خلال الاستقرار السياسي للبلاد والأمن المتوفر فيها وكفاءة إدارة الثروات والإيداعات بما يضمن معاملات بنكية ناجحة.
ويعد هذا التصريح هو الأكثر وضوحا حول مستقبل سرية الحسابات المصرفية في سويسرا بعد التكهنات الكثيرة التي ثارت حولها مع الولايات المتحدة وايطاليا وفرنسا وألمانيا.
ويشار إلى أن آخر التقارير الرسمية أشارت إلى أن بنوك سويسرا بها إيداعات أجنبية لا تقل عن ألفي مليار دولار وتمثل المؤسسات المالية عصبا اقتصاديا هاما للبلاد.
الأزمة الألمانية
الإعلان عن شراء بيانات لنحو 1500 من المتهربين ضريبيا
تعود الأزمة في ألمانيا مع إعلان السلطات الألمانية اعتزامها شراء بيانات لنحو 1500 من أصحاب الحسابات في أحد المصارف السويسرية، يُشتبه في أنهم متهربون من دفع ضرائبهم لدى مؤسسات بلادهم، حتى بادر وزير المال السويسري إلى الاتصال مع نظيره الألماني فولفغانغ شويبله محذراً إياه من أن سويسرا لا تتعاون قضائياً، استناداً إلى بيانات مسروقة.
وأشار إلى ضرورة تعديل اتفاق الازدواج الضريبي بين البلدين، لكن الوزير الألماني قال بعد المكالمة في تصريحات صحافية إن حكومته تتجه على الأرجح لشراء تلك البيانات بحوالى مليونين ونصف المليون يورو.
في الوقت ذاته حذر اتحاد الصيارفة السويسريين في بيان، من إقدام ألمانيا على استخدام البيانات المسروقة "إذ من شأن الخطوة أن تؤدي الى نتائج عكسية في المفاوضات بين البلدين حول إمكان تعديل اتفاق الازدواج الضريبي"، وطالب الاتحاد السلطات الألمانية بملاحقة السارق بدلاً من استخدام تلك البيانات.
وواضح أن نداء وزير المال السويسري وتحذير اتحاد الصيارفة السويسريين لن يجد آذاناً صاغية إذ أعلنت كلاً من النمسا وهولندا أمس عن رغبتيهما في الاستفادة من البيانات التي تعتزم ألمانيا شراءها لمعرفة ما إذا كانت تضم أسماء رعايا أي من الدولتين أيضاً، بل تطالب الدولتان بالتعرف إلى محتوى البيانات التي حصلت عليها فرنسا مطلع السنة الحالية.
الأزمة الفرنسية
الاتفاق على عدم استخدام البيانات المسروقة
شهدت الأزمة المثارة بين فرنسا وسويسرا حلا جذريا، بعد الاتفاق على أن المعلومات التي اشترتها فرنسا وتحتوي أرصدة مودعين في فرع بنك "اتش بي اس سي" في جنيف، من حق فرنسا الاحتفاظ بنسخة منها وعدم الاعتماد عليها في طلبات التعاون القضائي لملاحقة المتهربين، أو تقوم بتحويل البيانات الى طرف ثالث من دون إحاطة سويسرا علماً.
وتم الاتفاق على ذلك بعد اجتماع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مع الرئيسة السويسرية دوريس لويتهارد على هامش دورة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.
وأعلن وزير المالية السويسري هانز رودلف أن البلدين اتفقا أيضا على أن يلتزم الطرف الفرنسي بعدم تسريب تلك البيانات إلى دولة أخرى إلا بعد إحاطة سويسرا علما وعدم استخدام المعلومات الواردة في تلك البيانات المسروقة كمبرر لطلب دعم قانوني أو قضائي سويسري بموجب الاتفاقيات الثنائية بين البلدين أو بين سويسرا وأي بلد آخر.
وأوضح أن من المنتظر أن تسلم فرنسا تلك البنود المتفق عليها كتابيا إلى سويسرا واستعادة البيانات المسروقة قبل أن تنظر سويسرا في مصير اتفاقية الازدواج الضريبي بين البلدين والتي علق مجلس الحكم الاتحادي في ديسمبر الماضي التصديق عليها بعد اكتشاف سرقة تلك البيانات وظهورها في فرنسا.
واعتبر أن ما تم الاتفاق عليه مع الطرف الفرنسي يمكن أن يكون مثالا يحتذي به في تعامل سويسرا مع بيانات الحسابات المصرفية التي يمكن سرقتها وتسليمها إلى دول أخرى.
يذكر أن قواعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تنص على أن يتضمن طلب المساعدة القضائية في ملفات التهرب الضريبي ضرورة تحديد اسم المشتبه فيه والبنك الذي يتعامل معه وبموجب تصريحات وزير المالية السويسري فلن تتمكن فرنسا الاستفادة من البيانات التي حصلت عليها.
نقطة الخلاف
نقطة الخلاف الجوهرية بين سويسرا والعالم في القضية، أن القانون السويسري لا يعاقب على التهرب الضريبي وإنما فقط على التحايل الضريبي، بينما تنظر قوانين الدول الأخرى إلى التهرب والتحايل الضريبي كجريمة واحدة يعاقب عليها القانون.
أموال العرب
وفيما يتعلق بأموال الدول العربية المودعة في المصارف السويسرية فلا يعني الكثير من تلك الدول مبدأ السرية المصرفية لذا تحاول البنوك الحفاظ على هؤلاء العملاء والحيلولة دون خسرانهم وتحويل أموالهم الى مصارف أخرى،
وتعد البنوك السويسرية من اهم البنوك العالمية التي تجذب أموال الأغنياء من دول الشرق الأوسط.
وتحتفظ سويسرا بما يقرب من 400 مليار دولار لأثرياء العرب فى مصارفها، أى أكثر من 10% من إجمالى الأموال المتوفرة فى هذه المصارف وتبلغ 3.7 تريليون دولار، وذلك حسب تقديرات مصرفيين سويسريين.
وتتمثل أهمية الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية والإسلامية بشكل عام والخليجية بشكل خاص في هيكل الاقتصاد السويسري في أن 109 مليارات فرنك سويسري (نحو 109 مليارات دولار) من أصل 846 مليار فرنك تمثل استثمارات بنك يو بي إس، أكبر البنوك السويسرية من حيث الأصول، الواردة من الخارج والتي تأتي من الأسواق الصاعدة التي تشمل الشرق الأوسط ومنطقة الخليج.
ويخطط مصرف "كريدت سويس" أحد أكبر البنوك السويسرية لجلب مبالغ تصل قيمتها الى ما بين 15-20 مليار فرنك من الأصول من الشرق الأوسط بحلول عام 2012.
No comments:
Post a Comment