الافراج عن عبدالباسط المقراحي

لقي عبد الباسط المقرحي الذي كان يمضي عقوبة بالسجن في اسكتلندا اثر ادانته بالتورط في اعتداء لوكربي وافرج عنه الخميس، استقبال الابطال في بلده ليبيا التي دعتها واشنطن الى فرض الاقامة الجبرية عليه.

وحطت الطائرة التي استأجرتها ليبيا لنقل المقرحي عند الساعة 18,30 تغ في مطار طرابلس. وخرج المقرحي الذي كان يرتدي بزة سوداء من الطائرة مع سيف الاسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الذي كان يمسك بيده. وقد استقبلهما مئات الاشخاص الذين كانوا يرفعون اعلاما ليبية واسكتلندية بينما بثت مكبرات الصوت النشيد الوطني.
وقبيل وصول المقرحي، دعت الولايات المتحدة التي كانت قد رأت ان اطلاق سراح المقرحي خطأ، ليبيا الى عدم استقباله استقبال الابطال. وتحدث مصدر قريب من البعثة المرافقة للمقرحي لوكالة فرانس برس عن حضوره تجمعا كبيرا في وسط طرابلس يشارك فيه سيف الاسلام القذافي.
وكان وزير العدل الاسكتلندي كيني ماك اسكيل اعلن قراره "الافراج عن عبد الباسط علي محمد المقرحي الذي صدر عليه حكم في تشرين الاول/اكتوبر 2001 في اعتداء لوكربي ويعاني من سرطان في البروستات في مراحله الاخيرة والسماح له بالعودة الى ليبيا للموت هنا".
وبعد ساعات، صعد السجين السابق الى الطائرة ببطء متكئا على عصا. وقالت الهيئة الطبية انه لم يعد لدى المقرحي (57 عاما) سوى ثلاثة اشهر ليعيشها. وكان حكم بالسجن مدى الحياة صدر على المقرحي، شرط الا تقل العقوبة عن 27 عاما اثر ادانته بتنفيذ اعتداء استهدف طائرة بوينغ 747 تابعة لشركة بانام الاميركية في 21 كانون الاول/ديسمبر 1988 فوق لوكربي.
واوقع الاعتداء 270 قتيلا معظمهم من الاميركيين. وعبر المقرحي في بيان تلاه محاميه عن "ارتياحه" لمغادرته السجن وواصل تأكيد براءته معتبرا ان ادانته امر "معيب". وقال المقرحي ان "هذه المحنة المرعبة لن تنتهي بعودتي الى ليبيا. وقد لا تنتهي قبل موتي. ربما الموت هو السبيل الوحيد لحريتي".

من جهته، اكد سيف الاسلام القذافي ان "الشعب الليبي لن ينسى الموقف الشجاح لحكومتي بريطانيا واسكتلندا". وقال في بيان ان "الصداقة بيننا ستتعزز الى الابد وصفحة الماضي السيئة قد صارت خلفنا وطويت". واضاف "اتوجه الى اسر الضحايا بالقول انه على الرغم من تنازل المقرحي عن الاستئناف الا ان ذلك لا يخفي ان هناك الكثير من الادلة والمعطيات والحقائق الجديدة التي تؤكد براءته والتي يمكن ان يتم التوصل اليها يوما ما".

وعبر الرئيس الاميركي باراك اوباما عن رغبته في ان تضع ليبيا المقرحي في الاقامة الجبرية. وقال اوباما "نحن على اتصال بالحكومة الليبية ونريد التاكد من ان المقرحي لن يلقى استقبالا حارا بل سيوضع في الاقامة الجبرية". واضاف "كنا على اتصال مع الحكومة الاسكتلندية لنبلغها معارضتنا ونعتقد انه (قرار الافراج عن المقرحي) خطأ".

وكان المتحدث باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي اعلن "قلنا بشكل واضح جدا للمسؤولين الليبيين انه لا يستحق ان يلقى استقبال الابطال". واضاف كرولي "سنراقب الوضع عن كثب لمعرفة كيف ستتصرف ليبيا" موضحا ان هذا الامر "يمكن ان يؤثر على علاقاتنا في المستقبل".

وتابع المتحدث الاميركي ان الزعيم الليبي "يسعى كما يبدو الى بناء علاقات افضل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي واذا كان يريد ان ينظر اليه على انه زعيم مسؤول في المنطقة وابعد من المنطقة، فالفرصة الان متاحة له ليثبت ذلك".

ولم تخف عائلات الضحايا الاميركيين غضبتها. وقالت سوزان كوهين التي قتلت ابنتها البالغة من العمر 20 عاما في التفجير "انها فضيحة وكان على الولايات المتحدة ممارسة مزيد من الضغوط".

ويشكل الافراج عن المقرحي مرحلة جديدة في تحسن العلاقات بين ليبيا والغرب الذي تسارع منذ تخلي طرابلس عن اسلحة الدمار الشامل في 2003 ودفع تعويضات لعائلات ضحايا الاعتداء. ويذكر خبراء ايضا بان ليبيا تملك واحد من اكبر الاحتياطات النفطية المثبتة في افريقيا وبان عقود تنقيب مهمة وقعت مع شركات بريطانية.

ورحبت جامعة الدول العربية بالافراج عن المقرحي. وقال نائب الامين العام للجامعة السفير احمد حلي في تصريح للصحافيين "نرحب بقرار الافراج عن المقرحي والذي راعى الحالة الانسانية والصحية التي يمر بها".

من جهتها، حملت الصحف البريطانية اليوم يشكل "خيانة للعدل". وكتبت صحيفة التايمز في افتتاحيتها ان "قرار الافراج عن الرجل الذي ادين في اعتداء لوكربي اتخذ بعد تفكير وبمبادرة عطف لكنه قرار خاطىء مع ذلك".

واضافت ان "الافراج عنها بهذا الشكل وارد لكل السجناء بالتأكيد. لكن ليس كل السجناء يستحقون طلبا في هذا الاتجاه وجريمة المقرحي كبيرة الى درجة انه يجب ان يمضي الايام الباقية من حياته في السجن".

No comments: