ثأر المنتخب الوطني لكرة القدم مساء أمس للدماء الجزائرية التي سالت في قاهرة العار قبل وأثناء وبعد مباراة 14 نوفمبر، ونجح بفض مجموعة من الرجال الأبطال في تحطيم غرور "يهود" مصر الذين راهنوا على ممارسة الإرهاب لسرقة تأشيرة المونديال التي كانت جزائرية في النهاية عن جدارة واستحقاق بفضل الفوز الرائع الذي حققه رفاق زياني على منتخب دولة جمال مبارك ـ وبحضور هذا الأخير ـ بنتيجة هدف دون مقابل حمل توقيع المقاتل عنتر يحيى الذي يستحق أن يسمى عنتر بن شداد .
احتضن ملعب المريخ بأم درمان في دولة السودان الشقيقة، مساء أمس، أول مقابلة فصل مؤهلة للمونديال في تاريخ القارة الإفريقية، وهي مباراة تاريخية لن ينساها السودانيون، مثلما لن ينساها الجزائريون ولا المصريون.
وأمام مدرجات شهدت حضورا قويا جدا لأنصار المنتخب الوطني الذي قارب عددهم العشرين ألف متفرج، تمكن "الخضر" من صنع ملحمة كروية سمحت للجزائر بالحصول على بطاقة ثالث مشاركة مونديالية في تاريخها.
واختار الشيخ رابح سعدان أن يدخل المنتخب الوطني الجزائري المباراة التاريخية بالتشكيلة الأساسية الآتية: فوزي شاوشي، مجيد بوقرة، نذير بلحاج، رفيق حليش، عنتر يحيى (سمير زاوي)، القائد يزيد منصوري، مراد مغني (كريم مطمور)، حسان يبدة، كريم زياني، رفيق صايفي (كمال فتحي غيلاس)، وعبد القادر غزال.
وبدت عزيمة الجزائريين شديدة على بلوغ المونديال والثأر لدماء ضحايا مجزرة القاهرة من لاعبي وأنصار "الخضر"، بدليل الحرارة الكبيرة التي لعبوا بها منذ البداية، وهي الحرارة التي كلفت النجم نذير بلحاج بطاقة صفراء في الدقيقة الأولى من المباراة، وسمحت في المقابل بصناعة العديدة من فرص التهديف، بداية من مخالفة نذير بلحاج المباشرة في الدقيقة السابعة والعشرين، ثم تسديدة مغني في الدقيقة السابعة والثلاثين، قبل أن يأتي الهدف الأول في الدقيقة الأربعين، بعد كرة عرضية من زياني داخل منطقة العمليات، وجدت النجم عنتر "بن شداد" يحيى الذي صوّب كرة لا تُسد ولا تُرد زلزلت شباك الحضري وأبهجت كل الجزائريين، الذين تنفسوا الصعداء بنهاية الشوط الأول بتفوق "الخضر".
وجاء الشوط الثاني صعبا جدا على ذوي القلوب الضعيفة، حيث تبادل المنتخبان صناعة الفرص الخطيرة، وتألق شاوشي بشكل كبير، فبعد تصديه لتسديدة صعبة في الدقيقة الرابعة والثلاثين من الشوط الأول، جاءت خرجته الرائعة في الدقيقة الحادية والسبعين، حين أنقذ مرماه من هدف محقق لتعطي ثقة كبيرة لرفقائه الذين كان بمقدورهم إضافة أهداف أخرى.
وأضاف الحكم أربع دقائق كاملة أحرقت أعصاب كثير من الجزائريين ولكنها انتهت بالنصر المبين الذي انطلقت بعده أفراح الجزائريين في مختلف ربوع الوطن، وفي الخارج أيضا.
هذا الانتصار الرائع ساهم في صنعه سعدان ورجاله الأبطال، وكل الواقفين وراء المنتخب الوطني، وفي هذا الصدد نوجه تحية خاصة لرئيس الاتحادية الجزائرية، وتحية أكبر لرئيس كل الجزائريين عبد العزيز بوتفليقة الذي سخّر كل الإمكانيات لتألق "الخضر"، ولا ينبغي أن تنسينا فرحة بلوغ المونديال توجيه تحية إلى الشعب السوداني الشقيق، وحكومته غير المتواطئة مع بني صهيون، ونتمنى أن نتمكن يوما من رد جميل هذا الشعب المضياف الذي ساهم في صنع الفرحة التي أنست الجزائريين الكابوس الذي عاشوه في دولة جمال مبارك.
متجاوزة كل الاعراف والتقاليد المهنية ومتغافلة عن الحقائق التي شاهدها الملايين عبر شاشات التليفزيون والفضائيات.. شنت الصحافة الجزائرية الصادرة يومي أمس وأمس الأول هجوما غير مسبوق علي مصر حرضت فيه المواطنين الجزائريين علي الفتك والاعتداء علي المصريين المقيمين بالجزائر، وهو ما حدث ليلة أمس الأول، وأوعزت فيه للدبلوماسية الجزائرية والرأي العام الجزائري بضرورة قطع العلاقات مع مصر.
ولم تخرج صحيفة جزائرية واحدة عن السياق الذي بدا متفقا عليه بينها جميعا ولدرجة جعلت يومية أخيار اليوم تنشر صورة بحجم الصفحة الأولي لمشجع جزائري ملقي علي الأرض وبعنوان "هذا ما فعله يهود مصر بالجزائريين" وفي التعليق المرفق وصفت أخبار اليوم الحديث عن الأخوة بين الشعبين الجزائري والمصري بأنه أصبح "نكتة بايخة" ترددها السلطات المصرية التي لم توفر الحماية اللازمة للجزائريين الذين أثروا خزينتها بملايين الدولارات واتهمتها بالتواطؤ مع "يهود" مصر المتصهينين.. وزعم التقرير أن المصريين الذين وصفهم التقرير بالصهاينة قتلوا ستة جزائريين ولم يترددوا في احراق أحدهم بعد قتله!
وفي صفحتها الثانية قالت أخبار اليوم إن ما حدث بالقاهرة من مجازر للجزائريين يفوق بكثير ما يتعرض له الفلسطينيون علي أيدي الاحتلال الصهيوني!
واستمرت لتسخر من "المصريين" الذين لم يبنوا هرما واحداً ويكتفون بأكل العيش من التقاط الصور للسياح قرب الأهرامات معلنة دعمها لجماعة "الإخوان" المحظورة وحركة "كفاية" في معارضتها للنظام المصري، كما نشرت تقريرا آخر بعنوان "بنو صهيون يناصرون إخوانهم الفراعنة" وحوارا لرئيس اتحاد الكرة الجزائري محمد روراوة قال فيه إن صداقته مع رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر انتهت وصفحة كاملة بالصور لبعض اللاعبين الجزائريين المصابين قبل أو اثناء المباراة وبعنوان "الشجعان" يتحدون يهود مصر!
وحولت "أخبار اليوم" مباراة الاربعاء بالسودان إلي معركة فقالت إن الجزائر خسرت معركة ولم تخسر الحرب التي لم تنته بعد وتحدثت عن غزو جزائري للسودان يوم المباراة الفاصلة تتحول معه الخرطوم لولاية جزائرية، كما نشرت تعليقات لمشجعين قال بعضهم إنهم تعرضوا للضرب بالسكين وتهشيم الرأس وإلقاء الزجاجات الحارقة عليهم.
يومية "الفجر" أيضا ادعت إهانة الأمن المصري للمشجعات الجزائريات ونسبت لعدد منهن تعرضهن للتحرش لحد انتزاع ثيابهن بغرف التفتيش قبل المباراة ووصفت ذلك بما يمارسه الجيش الاسرائيلي في التفتيش علي حدود المناطق الفلسطينية المحتلة وألحت "الفجر" في نشر خبر كاذب علي موقعها الإلكتروني أكثر من مرة عن وفاة مشجع مصري في شارع الهرم بعد أن دهسته سيارة مسرعة لفضه اشتباكاً بين مشجعين جزائريين ومصريين وقالت الصحيفة إن "المناصر المصري" لفظ أنفاسه الأخيرة فداء للجزائر!!
واستمرت "الفجر" في نسج قصص وروايات غير صحيحة اطلاقا ولم تحدث علي أرض الواقع من بينها وقوع اعتداء علي السفارة الجزائرية بالقاهرة ووصفت خلاله موقف السفير عبدالقادر حجار بأنه لم يحرك ساكنا ورفض فيه فتح أبواب السفارة لحماية الجزائريين من المصريين الغاضبين، لكن "الفجر" أرادت في موقع آخر أن تمسك بعلاقتها مع سفير بلادها بالقاهرة من المنتصف ونسبت إليه قوله إن إهانة النشيد الوطني الجزائري أمر لا يمكن السكوت عليه وأن المصريين استعملوا جميع الطرق من أجل الفوز إلي حد الاعتداء علي لاعبي المنتخب الجزائري، وإزعاجهم ليلة المباراة قالت إن السفير فكر في الرحيل عن القاهرة وغلق السفارة.
"الفجر" أيضا استعملت آية قرآنية ذكر فيها اسم مصر وحرفتها لتكون "اخرجوا من مصر غير آمنين"!! وقالت إن مصر كشفت عن وجهها الحقيقي وعن ضغينة دفينة تجاه الجزائر لأنها رفضت تدجينها مع باقي العرب، ووصفت الصحيفة المصريين بالهمج الذين استخدموا العنف مع الجزائريين إلي حد التصفية الجسدية، وقالت إن مطار هواري بومدين الدولي استقبل بعد المباراة جثث شهداء موقعة القاهرة وأن المطار شهد حالة كبيرة من التكتم والسرية لدي استقباله جثث الجزائريين!
"الفجر" كذلك لم تستح من الاستمرار في بث الأكاذيب التي توغل صدور الجزائريين من مصر والمصريين وقالت إن المصريين اعتدوا بوحشية علي كل ما هو جزائري أمام أنظار أعوان الأمن المصريين الذين لبسوا لباس المتفرج في صورة جلية تؤكد السيناريو المدبر والحقد الذي ترسخ في ذهن المصريين من الجزائر!
وبالغت في حشد كل المعلومات المغلوطة الزاعمة لتعرضهم لأذي في القاهرة منها محاولة حرق حافلة للمشجعين الجزائريين بعد المباراة اوتعرضهم قبلها للتفتيش الذاتي أكثر من 11 مرة وبطريقة وصفوها بأنها مهينة وشائنة ونشرت شهادات لمشجعين قالوا إن زجاجات المياه المعدنية التي اشتروها داخل الاستاد انتهت صلاحيتها منذ عام 2005، وفي أكثر من مقال وتقرير أكدت "الفجر" أن الجزائر لو اقتلعت تأشيرة المونديال من القاهرة لحدثت جريمة كبري في حق الانسانية، وهو نفس ما ردده لاعبو الجزائر خالد لموشيه ومراد مغني وكريم مطمور ونقلت الصحيفة عن رئيس نادي وفاق سطيف الذي يلعب له لموشيه أن لاعبه لن يلعب لنادي الزمالك المصري الذي دخل في وقت سابق في مفاوضات معه، مهما حدث بعدما جري له علي أيدي المصريين!
رابح سعدان المدير الفني الجزائري قام أيضاً بإذكاء نيران "الفجر" بتصريحه لها أن ظروف مباراة القاهرة كانت كارثية! وهو نفس ما نقلته عن رئيس الاتحاد محمد روراوة الذي أضاف أن أطرافاً من الاتحاد المصري انتهجوا طرقا غير رياضية متهما مسئولين بالاتحاد المصري بتدبير رشق المشجعين الجزائريين بالحجارة.
ووصفت الجريدة لاعبي مصر بأنهم "نمور من كرتون" وذكرت قراءها بمقاطعة الدول العربية لمصر بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومن بينها السودان، ودعت إلي مقاطعة جديدة لمصر طالما ارتفع فيها علم الدولة العبرية!
الشروق اليومية أيضا أرادت ألا تفوتها فرصة التحريض وإعلان الحرب علي مصر والمصريين وفتحت موقعها الإلكتروني لسيل من الشتائم والاتهامات غير المبررة للمصريين، وفي معظمها دعوة لمقاطعة المنتجات المصرية بالجزائر ومنها شبكة تليفون "جيزي" التي دعت تعليقات متعددة لرمي شريحتها في سلة القمامة وتغييرها بخدمات الشركات الجزائرية ونشرت تعليقا آخر نصه "سنتخذ من المقاطعة وسيلة لإذلالهم" وتعليقات متكررة "اللهم احفظ بلادنا الجزائر من الإرهاب الإعلامي المصري"!
وروي مشجعون جزائريون لصحيفة "الخبر" ما وصفوه بـ"جحيم القاهرة" بينها عبارات من عينة "رأينا يهوداً.. ولا أعداء الله يعملون فينا هذا"، "لم نسلم من حجارتهم"، "رجال الأمن المصريون ينتهكون حرمات نساء الجزائر"، "والله مانراح نسكت علي الإهانة" ونقلت جريدة "الشعب" عن لاعب الجزائر عبدالقادر غزال: لم أر جحيما في حياتي مثل ذلك لقد وجدنا أنفسنا أمام وابل من الحجارة!
وفي تقرير آخر للشعب قالت إن ما جري في مصر كان حرب شوارع خطط لها الإعلام المتصهين! أما الصحف الجزائرية الناطقة بالفرنسية فلم تقل حدة هجومها علي مصر فصحيفة ليبرتيه ادعت مقتل أحد المشجعين الجزائريين وإصابة 150 آخرين فيما وصفته بـ"مصيدة الجزائريين" وصحيفة "الوطن" التي بررت خروج الجزائريين واعتداءهم علي مصريين بالجزائر دون التصريح بذلك، بل اكتفت بوصف الاحداث بخروج الجزائريين للتنديد بما سمته: "الفضيحة المصرية" وقالت لا يمكن أن نتقبل الوضع المأساوي الذي تعرضنا له في القاهرة، كما نشرت"لوأوبوتيور" صورة لاستاد القاهرة سمته فيها بـ"استاد تل أبيب"!
No comments:
Post a Comment