قال دبلوماسيون عرب إن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لن يقبل اقتراحات، أو حتى ضغوط، لتمديد مدة منصبه المفترضة النفاد فى مايو 2011 ولو لمدة عامين، بينما أكد مصدر رسمى مصرى أن تقدير القاهرة هو "أن موسى ليس منفتحا على فكرة التمديد وأنه يرى أنه فعل ما بوسعه منذ أن قبل بمنصبه والذى تولاه فى مايو 2001".
أسباب موسى، حسبما قالت المصادر لصحيفة "الشروق" المستقلة، نقلا عما أشاروا إليه من قول الأمين العام لجامعة الدول العربية لعواصمهم وعواصم عربية أخرى، إنه غير راغب وغير قادر فى ظل حالة التشرذم العربى التى طالما تحدث عنها بصراحة ــ فى أن يستمر فى مهام منصبه.
المسئولون فى الجامعة العربية رفضوا التعليق على خطط موسى المستقبلية وأصروا على أن العمل يجرى كالمعتاد وأن تقرير مصير منصب الأمين العام للجامعة العربية ليس مطروحا على أجندة سرت.
وفى محاضرة ألقاها بلبنان مطلع هذا الأسبوع بدا موسى مقدما لجردة حساب قبل ختامية لسنوات تسع أمضاها محاولا إدارة العلاقات العربية فى سنوات شهدت ما وصفه موسى نفسه بعنت إسرائيلى غير مقبول تجاه الشعوب العربية وحرب أمريكية على العراق وحروب إسرائيلية ضد العرب. موسى اعترف بخيبات الأمل فيما قامت به الجامعة العربية خلال منعطفات قاسية مرت بها الشعوب العربية خلال قرابة عقد، على الرغم من «إنجازات قدمتها فى مواقف عديدة».
"الأمين سيظل مصريا"
كان وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط أكد في تصريحات سابقة له أن الامين العام المقبل لجامعة الدول العربية بعد انتهاء ولاية الامين الحالي عمرو موسى سيكون مصريا.
وأوضح أبو الغيط، في حديث مع التلفزيون المصري أن "الامين العام المقبل للجامعة العربية سيكون مصريا والعرب متفقون على هذا المنهج".
وكان موسى، الذي تنتهي ولايته الثانية على رأس جامعة الدول العربية في مايو-آيار للعام 2011، اعلن نهاية العام الماضي انه لن يترشح لفترة جديدة. وتثير الجزائر منذ مدة مسألة تدوير منصب الامين العام وعدم قصره على دولة المقر.
وأوضح أبوالغيط أن "اختيار منصب الأمين العام للجامعة العربية يكون من البلد التي يتواجد بها مقر المنظمة العربية وهو أمر يسهل من قيامه بمهام عمله"، مؤكدا على وجود "إجماع عربي على هذا الأمر".
واشار إلى أن المرة الوحيدة التى أسند فيها المنصب إلى شخصية غير مصرية نقل فيها المقر إلى تونس وكان الأمين العام تونسيا.
وقلل أبو الغيط من محاولات بعض الدول العربية تدوير منصب الأمين العام، مؤكدا أن "هذه المسألة محسومة بالنسبة لمصر..إذا كنا نسعى إلى عمل عربي إلى الأمام دعونا نر أمينا عاما قادرا على العمل في مقر الجامعة في القاهرة".
ولم تعلق العواصم التى يقول دبلوماسيوها فى الأحاديث غير المعلنة أن مصر لن تستمر فى الاحتفاظ بهذا المنصب، على تصريحات أبوالغيط بشكل رسمى.
"تدوير المنصب"
كانت مصادر مسؤولة بالجامعة العربية أكدت في وقت سابق أن الجامعة لم تتلق أى طلبات رسمية من دول عربية بإدراج موضوع تدوير منصب الأمين العام للجامعة على أجندة القمة العربية المقبلة بمدينة سرت الليبية نهاية الشهر الجارى، سواء من الجزائر أو أى دولة أخرى.
واستبعدت المصادر أن تتم الموافقة على هذا القرار، حتى إذا تم إدراجه على أجندة القمة، نظرًا لما يحتاجه من إجماع بين الدول العربية وهو ما يتعذر الوصول إليه حاليا، خاصة فى ظل الخلافات والانقسامات التى تشهدها الساحة العربية.
ونفت المصادر في حديثها لصحيفة "الرأي" الكويتية وجود أي اتجاهات لدى القاهرة لترشيح خليفة لموسى، الذي أعلن مرارا أنه يكتفي بفترتين، وألمح إلى أنه يؤثر الابتعاد، منوهة إلى أن هناك إجماعا عربيا على شخصه بالنظر إلى كفاءته، وكذلك لاستكمال خطته لتطوير الجامعة ومنظومة العمل العربي.
وأشارت إلى أن استمرار موسى لفترة ثالثة، ليس بدعة جديدة بالنظر إلى وجود سابقتين لأمينين عامين سابقين تم التمديد لهما، لافتة إلى أن ميثاق الجامعة لم يقصر تولي منصب الأمين العام على فترتين فقط. وتابعت ان وجود موسى على رأس هذه المؤسسة من شأنه أيضا أن يغلق الباب أمام أي خلافات حول هذا المنصب مثلما جرى حين طرحت القاهرة اسمه العام 2001 ولاقى ترحيبا وإجماعا من القادة العرب.
في سياق متصل، وصف مصدر دبلوماسى مصرى قضية تدوير المنصب بأنها "غير قابلة للنقاش"، مشيرًا إلى أن "هناك عرفا اتفق عليه العرب منذ إنشاء الجامعة العربية بأن يكون أمين عام الجامعة العربية مصرياً، وهو عرف متبع منذ 65 سنة، كان خلالها الأمين العام للجامعة مصرياً باستثناء فترة القطيعة العربية مع مصر، التى انتقلت الجامعة خلالها إلى تونس".
تنسيق جزائري قطري
كانت مصادر عربية دبلوماسية ذكرت في وقت سابق أن مسألة خلافة الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ستناقش على هامش قمة سرت.
اضافت المصادر، ان احتفاظ مصر بالمنصب الذى ملأه حصريا مرشحو القاهرة باستثناء فترة غياب مصر عن الجامعة العربية، يبدو أبعد ما يكون عن الحتمى فهو السؤال الأكثر إلحاحا الآن فى دوائر الدبلوماسية العربية.
ونقلت صحيفة "الشروق" المصرية المستقلة عن المصادر قولها، إن بعض العواصم قامت بالفعل بإبلاغ طرابلس بأنها تريد طرح الأمر على جدول أعمال القمة وأن مشاورات تجريها ليبيا الرئيس القادم للقمة العربية لتحديد ما إذا كان الأمر سيكون على الأجندة الرسمية أم لا. ومن الناحية النظرية يمكن تأجيل حسم الأمر إلى قمة مارس 2011 المقررة حتى الآن فى بغداد.
مصادر أخرى قالت إن بعض الدول العربية بما فيها الجزائر وسوريا وقطر، وهى دول توترت علاقاتها الدبلوماسية بمصر أخيرا لأسباب مختلفة، "تنسق فيما بينها ومع دول أخرى" لطرح الأمر بالرغم مما وصفه مصدر عربى، رفض تحديد هويته، "بإلحاح مصرى مبكر" للحفاظ على منصب الأمين العام "مصريا" ولو لدورة واحدة قادمة "حتى لا يكون موسى هو آخر أمين عام مصرى".
وانقسمت المصادر الدبلوماسية العربية فى الرأى بين من يرى أن الأمر لا يتعلق بالتوصل إلى توافق حول مرشح مصرى لأن الأمر يتعلق بالأساس فى ضرورة تطبيق التدوير "المطبق فى الاتحاد الأوروبى الأكثر فاعلية بكثير من الجامعة العربية"، وبين من رأى انه "لا يوجد حاليا" مرشح مصرى "يمكن لكل الدول العربية أن توافق عليه" بما فى ذلك شخصيات تتولى مناصب رسمية رفيعة فى الدولة.
No comments:
Post a Comment